سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 87 - الجزء 2

  ويحمدوا الله على نعمته وفضله {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ٥٨}⁣[يونس].

  وليس معنى هذا أن نلهو ونلعب كما نحب بالمعازف والمزامير والرقص والغناء، فهذا حرام نهى الله عنه.

  فالعيد شعيرةٌ من شعائر الله التي أمر أن تُعَظَّمَ وتُقَدَّسَ كما قال تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ٣٢}⁣[الحج]، والعاصي لله في هذا اليوم ليس ممن يعظم شعائر الله، بل ممن يهدمها ويستخف بها.

  أيها الإخوة المؤمنون:

  العيد ليس أن نلبس فاخر الثياب، ونتباهى بالجمال والشباب، ولا أن ننهمك في الشهوات ونغفل عن الغاية الحقيقية للعيد والحكمة من ورائه.

  فهناك أناس لا علم لهم بشرائع الله ولا بشعائر الإسلام، ولا يعرفون من العيد إلا الكسوةَ والسلامَ، وذبحَ الأنعامِ، وأكلَ الطعامِ، همهم أن يفرغ الخطيب من الكلام لينطلق كُلٌّ إلى هدفه دون فَهْمٍ لمعنى العيد ولا إدراك لغايته وما أراد الله من ورائه، فتراه يغفل عن ذكر الله، ويلهو مختالاً في زينته، ينظر الحرام، ويسمع اللهو والغناء، ويصافح الأجنبيات، ولهذا أحببنا التنبيه على ذلك.

  فالله ø شرع لنا الأعيادَ عَطِيَّةً منه تعالى ومكافأةً على إتمامِ فريضة وأداءِ واجب.

  فعيد الفطر هو عيد يفرح به مَنْ أَتَمَّ فرضَ الصومِ وأدى واجبَه فخرج منه مغفوراً له كيوم وَلَدَتْهُ أمُّهُ، وعيدُ الأضحى يأتي بعد أداء فريضة الحج الأكبر والفوز بالربح الأوفر كما قال ÷: «مَنْ حَجَّ وَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوْبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».