الخطبة الثانية
  عيد الأضحى
الخطبة الثانية
  
  الحمد لله رب العالمين، الذي ذكرُهُ شرفٌ للذاكرين، وطاعتُه نجاةٌ للمطيعين، وشكرُه فوزٌ للشاكرين، نحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ونشهد أن لا إله ولا معبود بحق سواه، تعالى عما يقوله الجاهلون علواً كبيراً، ونشهد أن سيدنا محمداً عبدُه ورسوله وأمينه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين من يومنا هذا إلى يوم الدين، أما بعد:
  أيها الإخوة المؤمنون:
  اجتمعنا هاهنا وإياكم كما أمرنا الله ورسوله لحكمة أرادها الله تعالى لتتآلف القلوب وتستأنس النفوس وتزول الوحشة؛ لأن في الاجتماع أُنْساً وألفة، وفي الافتراق جفاءً ووحشة، فاجتماعنا في صلواتنا وجُمَعِنَا وجماعاتنا وأعيادنا وأفراحنا فيه وُحْدَةٌ ولُحْمَةٌ وترابط كأننا جسد واحد، كما أن في التزاور والتواصل والتجمعات في الأعياد والأعراس والمناسبات تقويةً لِأَوَاصِرِ المحبة والأُلْفَةِ والإخاء، يقول الرسول ÷: «لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ وَتَوَاصَلُوا وَتَبَاذَلُوا».
  فنحن في هذا المقام المبارك، وفي هذا اليوم العظيم، لا تكمل فرحتنا ولا يتم سرورنا إلا بالتصافي والتسامح والعفو، والتراحم والتآلف، ونبذ الفُرْقَةِ والعِدَاءِ والقطيعة.
  فلا يكفي أن تجتمعَ الأجساد وتلتحم والقلوبُ متنافرة متباعدة، لا معنى لاجتماع الأجساد إن كانت القلوب مفترقة، ولا قيمة للسلام إن لم يكن بمحبة