الخطبة الأولى
  وهم يمشونَ على النارِ بِوُجُوهِهِم، ويَطَؤون حَسَكِ الحديدِ بأحداقِهم، فلهيبُ النارِ سار في بواطنِ أجزائِهم، وحياتُ الهاويةِ وعقارِبُها مُتَشَبِّثَةٌ بظواهرِ أعضائهم، هذا بعضُ ما أعدَّ اللهُ لمن عصاه وخالف رضاه.
  فهلَّا امْتَثَلنا أوامرَ اللهِ سبحانَهُ وتعالى؟ وعَمِلَنا بما يُرْضِيهِ؟ واجْتَنَبْنَا ما يُسْخِطُهُ؟
  هَلَّا تَركنا الغيبةَ والنميمةَ؟ هَلَّا تركنا الحسدَ والكذبَ والمكرَ والخديعةَ؟
  هَلَّا تركنا التشاجُرَ والتناحُرَ والتنازُعَ فيما بيننا؟
  هَلَّا حافظنا على الصلواتِ في أوقاتِها؟
  هَلَّا تَآخَيْنا فيما بيننا، وتعاونَّا على الأمرِ بالمعروفِ، والنهي عن المنكر؟
  هَلَّا بَادَرنا لنتعلَّمَ ما أوجبَ اللهُ علينا ونَتبعَهُ، ونعرفَ ما حرمَ اللهُ علينا فنجتنبه؟ فإنه لا نجاةَ لنا إلا بذلك.
  نعوذُ بالله من نارٍ هذه حالُها، ونعوذُ بالله من عَملٍ هذه عاقِبَتُهُ.
  اللهم إنه لا طاقةَ لنا بعقابِكَ، ولا صبرَ لنا على عذابِكَ، اللهم فأجر وجوهنا من لفحاتِ الحميمِ، وأعتق رقابَنا من النارِ.
  {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً}
  اللهم يا عالمَ الخفياتِ، ويا رفيعَ الدرجاتِ، يا غافرَ الذنبِ، وقابلَ التوبِ، شديدَ العقابِ ذي الطَّولِ لا إلهَ إلا أنتَ إليكَ المصيرُ.
  نسألُكَ أن تُذِيَقنا بَرْدَ عَفوِكَ، وحَلَاوَةَ رحمتكَ، يا أرحمَ الراحمين، ويا أكرمَ الأكرمينَ.
  اللهم اعتِقْنا من رِقِّ الذنوبِ، وخَلِّصْنا من شرِّ النفوسِ، وأذْهِبْ عنَّا وحشةَ الإساءةِ، وطَهِّرْنَا من دَنَسِ الذنوبِ، وبَاعِدْ بيننا وبينَ الخطايا، وأجِرْنا مِن الشيطانِ الرجيمِ.