الخطبة الثانية
  وأهلَ النارِ يعرفون ذلك لما روي عنه صلى الله عليه وعلى آله أنه قالَ: «إذا دخلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ، وأهلُ النارِ النارَ، يجاءُ بالموتِ كأنه كبشٌ أملحُ، فينادي منادٍ: يا أهلَ الجنةِ هل تعرفونَ هذا؟ فيشرفون وينظرون، وكلُّهم قد رآه، ويقولون: نعم، هذا الموتُ. ثم يُؤخذُ ويذبحُ، ويُقال لأهلِ الجنةِ: يا أهلَ الجنةِ خلودٌ ولا موتَ، ويا أهلَ النارِ خلودٌ ولا موتَ، فذلك قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٣٩}»
  وعن النبي ÷ أنه قال: «لو قيل لأهل النارِ: إنكم ماكثون في النارِ عددَ كلِّ حصاةٍ في الدنيا لفرحوا بها، ولو قيل لأهل الجنةِ: إنكم ماكثون في الجنةِ عددَ كلِّ حصاةٍ في الدنيا لحزنوا، ولكن جعل لهم الأبد».
  حق للقلوبِ أن تذوبَ، وللأرواحِ أن لا تستقرَّ في الأجسادِ لهولِ الموقفِ، وحق لمن حكَّم عقلَه ونظرَ في عاقبةِ أمرِه ألا يرقى له جفنٌ، ولا يهنأ له عيشٌ وبعدَه ما بعدَه من الأهوالِ والشدائدِ.
  نسألُ اللهَ العظيمَ الكريمَ أن يجنبَنا غضبَه وعقابَه، وأن يُلهمَنا رشدَنا، وأن يهديَنا سواءَ السبيلَ إنه جوادٌ كريم.
  واعلموا عباد الله:
  أنكم في يومٍ كرَّمَه اللهُ وشرَّفَه على سائرِ الأيامِ فأكثروا فيه مِن الصلاةِ والسلامِ على نبيِّكم الأمينِ امتثالاً لأمرِ اللهِ القائلِ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}
  اللهم فصلِّ وسلِّم على سيدِنا محمدٍ وآله صلاةً دائمةً ناميةً لا انقطاعَ لأمدِها، ولا انتهاءَ لعددِها.
  وصلِّ اللهم على أخيه وابنِ عمِّه مولانا أميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وعلى زوجتِه الحوراءِ، وخامسةِ أهلِ الكساءِ، فاطمةَ البتولِ الزهراءِ، وعلى ولديهما الإمامينِ الأعظمينِ أبي محمدٍ الحسنِ، وأبي عبدِ اللهِ الحسينِ، وعلى مَنْ بينَنا وبينَهم