سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 234 - الجزء 2

  إنَّ ما نراه في الدنيا من متاعٍ هو مِن خلقِ البشرِ ومن صنعِ المصنوعِ العاجزِ الضعيفِ.

  فكيف بخلقِ الجنةِ ونعيمِها الذي هو خلقُ اللهِ القادرِ وإبداعُ الغنيِّ الحميدِ الذي لا يُعجزه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ؟

  عبد الله:

  إذا تأملتَ فيما حَوَتِ الدنيا من زينةٍ، وما وَصَلَ إليه الحالُ فيها من بهجةٍ وجمالٍ فتذكرْ قولَ المولى ø {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} {وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ} وقولَ الرسولِ ÷: «لو كانت الدنيا تساوي عندَ اللهِ جناحَ بعوضةٍ ما سقى الكافرَ منها شربةَ ماءٍ».

  وقال تعالى: {وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ٣٣ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ ٣٤ وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}

  يا الله!

  ما أعظمَ ما يصفُ لنا اللهُ ورسولُه من نعيمِ الجنةِ، وما يُشَوِّقُنا إليه من متاعِها، وما أعدَّ فيها لأوليائِه من النعيمِ الدائمِ والراحةِ الأبديةِ التي لا يعلمُها إلا اللهُ حيثُ قالَ عزَّ مِن قائلٍ: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

  عبدَ الله:

  تُرى ما ذلك الجزاءُ الذي أعدَّه اللهُ وأخفاه، والذي تَقَرُّ بِه عيونُ أوليائِه المتقين.

  {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً ٦١