الخطبة الثانية
  عبادَ الله:
  لم يتبقَّ من آثارِ الإسلامِ الدالةِ عليهِ والمذكرةِ بتاريخِهِ سوى الكعبةِ والقُبةِ الخضراءِ بالمدينةِ وشيءٍ قليلٍ.
  وأما بقية المآثرِ التاريخيةِ والتراثِ الحضاريِّ والدينيِّ فقد تمَّ طمسُ أكثرِهِ، والبعضُ الآخرُ تمَّ مسحُ معالمِهِ بذرائعِ التوسعةِ والتجديدِ وغيرِ ذلك، وآخرُ ما طالتْهُ أيدي الدمارِ البقيعُ، فقد نُبِشَتْ أكثرُ القبورِ فيه، وأيقظوا أهلَهُ من مضاجعِهم قبلَ النفخِ في الصورِ، وهذا التعدي بحجةِ إبدالِ الحاضرِ بالماضي وكأننا في حوارٍ بين الحضارات.
  فكيف يستجيزون نبشَ قبرٍ وإخراجَ صحابيٍّ منه وإحلالَ غيرِهِ محلَّهُ، وكأنما ذلك القبرُ كان محلَّ استراحةٍ وموضعَ مقيلٍ لمدةٍ معلومةٍ تنتهي ثم يأتي الخلفُ والبديلُ ليحلَّ محلَّهُ، فإنا للهِ وإنا إليه راجعون، ولا عدوانَ إلا على الظالمين.
  عبادَ الله:
  أكثروا في هذا اليومِ وأمثالِهِ من الصلاةِ والسلامِ على نبيِّكم الكريمِ وآلِهِ امتثالًا لأمرِ اللهِ القائلِ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}
  اللهم فصلِّ وسلِّمْ وباركْ وترحمْ على عبدِكَ ونبيِّكَ وخيرتِكَ من خلقِكَ أبي الطيبِ والطاهرِ والقاسمِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلبِ بن هاشمٍ، وصلِّ اللهم وسلِّم على أخيه وابنِ عمِّهِ وبابِ مدينةِ علمِهِ أشجعِ طاعنٍ وضاربٍ علي بنِ أبي طالبٍ، وعلى زوجتِهِ الحوراءِ خامسةِ أهلِ الكساءِ فاطمةَ البتولِ الزهراءِ.
  وصلِّ اللهم وسلِّم على ولديهما الإمامين الأعظمين أبي محمدٍ الحسنِ وأبي عبدِ اللهِ الحسينِ، وصلِّ اللهم وسلِّم على الوليِّ بنِ الوليِّ الإمامِ زيدِ بنِ علي.
  وصلِّ اللهم وسلِّم على الإمامِ الهادي إلى الحقِّ القويمِ يحيى بنِ الحسينِ بنِ القاسمِ بن إبراهيمَ.