الخطبة الأولى
  أخو المصطفى وخدينُ الهدى ... وهادي البريةِ والمهتدي
  ونفسُ الرسولِ بنصِّ الكتابِ ... وما النفسُ كالصاحبِ الأبعد
  أعظمُ شخصيةٍ عرفَها التاريخُ بعد رسولِ اللهِ ÷، وُلِدَ # في الثالثِ عشرَ من رجبِ المعظمِ في السنةِ العاشرةِ قبل البعثةِ، وكان من عظيمِ المكرماتِ أن يولدَ سلامُ اللهِ عليه في أشرفِ البقاعِ وأطهرِ المقدساتِ، في جوفِ الكعبةِ المشرفةِ جهةَ الركنِ اليماني.
  ولدَ في مكانٍ لم يلدْ فيه أحدٌ قبلَهُ ولا بعدَهُ سلامُ اللهِ عليه، أمُّهُ فاطمةُ بنتُ أسدٍ التي كانت بمثابةِ الأمِّ الثانيةِ لرسولِ اللهِ ÷ والتي حزنَ ÷ لموتِها وأغتمَّ لفراقِها، ومن حبِّهِ لها وتقديرِهِ لفضلِها كفنَّها في قميصِهِ واضطجعَ في لحدِها قبل أن تُدفنَ فيه تقرباً إلى اللهِ أن يتقبلها وأن يوسعَ لها في مضجعِها ويؤانسَها في غربتِها رضوانُ اللهِ عليها.
  وقال عنها ÷: «إنها كانت أمي، إن كانت لتجيع صبيانَها وتشبعني، وتشعثهم وتدهنني».
  ألبسها قميصه إعظاما ... ونام في فراشها إكراما
  وأمَّ بالملائك الكراما ... حتى قضوا صلاتهم تماما
  عبادَ الله:
  لم يمضِ على ولادةِ عليٍّ # إلا فترةٌ من الزمنِ ثم أخذَهُ رسولُ اللهِ مِن عمِّهِ وضمَّهُ إليه ليخففَ على عمِّهِ ثقلَ التربيةِ وعسرَ النفقةِ.
  فانتقلَ # إلى بيتِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يعولُهُ ويربيه ويؤدبُهُ ويعلمُهُ فأحبَّ كلُّ واحدٍ منهما الآخرَ وتعلَّقَ به، فلقد كان رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ حريصاً على عليٍّ # شغوفاً به لا يطيقُ فراقَهُ ولا يحتملُ بعدَهُ.