الخطبة الأولى
  ووقفا بجانبِهِ حين آذاه قومُهُ. أولئكَ السابقون، أولئك المقربون ¤ ورضوا عنه ذلك هو الفضلُ الكبيرُ {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
  عبادَ الله:
  لقد سَطَّرَ الإمامُ عليٌّ # أروعَ ملاحمِ البطولةِ في التضحيةِ والفداءِ، بل لقد جعلَ من نفسِهِ درعًا حصيناً في الدفاعِ عن رسولِ اللهِ وعن الإسلامِ، وسَخَّرَ حياتَهُ في خدمةِ هذا الدينِ، فها هو سلامُ اللهِ عليه في إحدى مواقفِهِ الخالدةِ يصورُ لنا التضحيةَ في أبهى صورِها وأجملِ حللِها وذلك حين تحالفتْ ضدَّ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قبائلُ قريشٍ وأجمعتْ على قتلِهِ وإزهاقِ روحِهِ في عقرِ دارِهِ، ففي ليلةٍ مظلمةٍ حالكةِ السوادِ أحاطَ فرسانُ قريشٍ ببيتِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وبأيديهم السيوفُ والرماحُ المرهفاتُ ينتظرون الفرصةَ لإزهاقِ روحِهِ وتمزيقِ جسدِهِ الطاهرِ فهبطَ جبريلُ # على رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وأخبرَهُ بما دَبَّرَهُ القومُ من المكيدةِ وأمرَهَ بالهجرةِ إلى المدينةِ وأن يأمرَ عليًّا أن ينامَ في فراشِهِ، فما كان من عليٍّ # إلا أن لَبَّى أمرَ رسولِ اللهِ بأن ينامَ في فراشِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وأن يتغطى بردائِهِ الحضرميِّ ليوهمَ فرسانَ قريشٍ بأن رسولَ اللهِ ما زالَ نائماً.
  تَقَدَّمَ عليٌّ # إلى فراشِ رسولِ اللهِ ÷ وهو يعلمُ خطورةَ الموقفِ وعاقبةَ هذه المغامرةِ، فكان عليٌّ على علمٍ بأنه سيصبحُ بين لحظةٍ وأخرى عرضةً لتلك السيوفِ تنهشُ جسدَهُ وتقطعُ أوصالَهُ في ذلك الظلامِ الحالكِ والليلِ الدامسِ الذي لا يميزون فيه بين محمدٍ وعليٍّ وأيُّهما الضحيةُ، وكانت نسبةُ النجاحِ والنجاةُ من هذه التضحيةِ ضئيلةً، وعلى الرغم من كلِّ ذلك تَقَدَّمَ عليٌّ # نحوَ فراشِ الرسولِ، لا بل إلى الموتِ وقد عقدَ العزمَ على أن يُقَدِّمَ نفسَهُ كبشَ فداءِ قرباناً إلى