الخطبة الأولى
  اللهِ وحفظاً لحياةِ رسولِهِ، فما دام في موتِهِ حياةٌ للإسلامِ وبقاءٌ لروحِ رسولِ اللهِ فلا يبالي أوقعُ الموتُ عليه أم وقعَ هو على الموتِ، فتوكلَ على اللهِ وفوضَ أمرَهُ إليه إنه خيرٌ حافظاً وهو أرحمُ الراحمين، إنه موقفٌ يهتزُّ له الكونُ ومغامرةٌ تسكنُ لهيبتِها النفوسُ، ولكن عليًّا بعينِ اللهِ التي لا تنامُ وفي كنفِهِ الذي لا يضامُ، فقد أوحى اللهُ تعالى إلى جبرائيلَ وميكائيلَ @ وقال: إني آخيتُ بينكما وجعلتُ عمرَ أحدِكما أطولَ من الآخرِ فأيُّكما يؤثرُ صاحبَهُ [أي: يفديه بروحِهِ] فاختارَ كلُّ واحدٍ منهما الحياةَ، فأوحى الله إليهما: أفلا كنتما كعليِّ بنِ أبي طالبٍ آخيتُ بينه وبين محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فباتَ على فراشِهِ يؤثرُهُ بنفسِهِ، اهبطا إلى الأرضِ فاحفظاهُ من عدوِّهِ، فكان ميكائيلُ عند رأسِهِ وجبريلُ عند رجليهِ، فقالَ جبريلُ #: من مثلُكَ يا بنَ أبي طالبٍ يباهي بك اللهُ الملائكةَ، فنجاه اللهُ تعالى من مكرِ الذين كفروا وردَّهم اللهُ بغيضِهم لم ينالوا خيراً، وأنزلَ اللهُ تعالى في عليٍّ # قولَهُ تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}.
  باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعَني وإياكم بما فيه مِن الآياتِ والذكرِ الحكيمِ، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم من كلِّ ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيمُ.