[الخطبة الثانية]
  ونتوبَ، ونتخلصَ مما نحن فيه، كما قال تعالى: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً}، أي: لئلا يزدادوا إثماً، ليتوبوا، ويرجعوا، فسبحانه من ربٍّ ما أحلمَه عنّا، وأرحمَه بنا، حينما يخلقُ الإنسانَ من العدمِ، ويتفضلُ عليه بجميعِ النعمِ، ويعصيه الإنسانُ ويحلمُ اللهُ عنه، ويعرضه لرحمتِه، ولم يعاجِلْه بالعقوبةِ، بل أمهلَه من أجلِ إذا رَجِعَ وتابَ، بل أمهلَه من أجلِ إذا أفاقَ من سكرتِه، أما إذا أصرَّ على عصيانِه والعياذُ بالله، فـ {إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}، فإنه سيأخذه أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ، فيومئذٍ لا يعذبُ عذابَه أحدٌ ولا يُوثقُ وثاقَه أحدٌ.
  اللهم اجعلنا من المبادرين بالتوبةِ، والرجوعِ إليك.
  هذا، وصلوا وسلموا على من أُمِرْتُم بالصلاةِ عليه قديماً، كما قال عزَّ مِن قائلٍ حكيمٍ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.
  اللهم فصلِّ وسلمْ على أبي الطيبِ والطاهرِ والقاسمِ، محمدِ بنِ عبدِاللهِ بنِ عبدِالمطلبِ بنِ هاشمٍ، وصلِّ وسلمْ على إمامِ المشارقِ والمغاربِ، أشجعِ كلِّ طاعنٍ وضاربٍ، أميرِ المؤمنينَ علي بنِ أبي طالبِ، وصلِّ اللهم وسلم على زوجتِه الغراءِ، فلذةِ قلبِ المصطفى، فاطمةَ البتولِ الزهراءِ، وصل اللهم على أبي محمدٍ الحسنِ المقتولِ سُمّاً، وصل اللهم على أبي عبدِ الله الحسينِ المقتولِ ظلماً، وعلى آلِ رسولِ الله المطهرين، دُعاةً منهم ومقتصدين، وارضَ اللهم عن الصحابةِ الأخيارِ، وعنا معهم برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
  اللَّهُمَّ لا تدعْ لنا ذنباً إلا غفرتَه، ولا همّاً إلا فرّجْتَه، ولا دَيْناً إلا قضيتَه، ولا مريضاً إلّا شفيتَه، ولا ميتاً إلّا رحمتَه، ولا عُسراً إلّا يسرتَه، ولا عارياً إلّا كسوتَه، ولا حاجةً من حوائجِ الدنيا والآخرةِ هي لك رضىً إلّا قضيتَها برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
  عبادَ الله: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.