سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 364 - الجزء 2

  ولقد روي أن عددَ من قُتِلَ في هذه الوقعةِ ألفٌ وسبعمائةٍ من أبناء المهاجرين والأنصارِ، وعشرةُ آلافٍ من سائرِ الناس، سوى النساءِ والأطفالِ. هذا، وقد كان الرجلُ من الأنصارِ يقولُ لمن جاءَ يخطبُ ابنتَهُ: لَعَلَّهُ أصابَها شيءٌ يومَ الحرةِ [أي: أنه لا يضمنُ بقاءها بكرًا لكثرةِ من عاث بهنَّ من جيشِ يزيدَ في تلك الأيامِ] حيث افتضوا ألفَ عذراء في تلك الواقعةِ وأحبلوا منهم الكثيرَ، فإنا للهِ وإنا إليه راجعون، وصَدَقَ رسولُ اللهِ ÷ القائلُ: «فسادُ أمتي على أيدي أغيلمةٍ من سفهاءِ قريشٍ» وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: «أولُ من يبدلُ سنتي رجلٌ من بني أميةَ» وقوله: «إذا رأيتم معاويةَ على منبري فاقتلوه».

  فهم الشجرة الملعونة في القرآن، وهم وصمة عارٍ وشنار على كل إنسان وهم أذناب وأعوان وأنصار كل شيطان، وهم أهل المكر والكذب والخداع والزور والبهتان، فعليهم لعنة الله ولعنة الملائكة والإنس أجمعين.

  عبادَ الله:

  هذه هي الفتوحاتُ الإسلاميةُ وهذا هو الجهادُ الذي تتحدثُ عنه كتبُ التاريخِ ويمتدحون عليها بني أميةَ فإنا للهِ وإنا إليه راجعون.

  فالذين فتحوا الأندلس هم الذين أحرقوا الكعبة، والذين فتحوا القسطنطينية هم الذين قتلوا الحسين، والذين فتحوا ما وراء النهر هم الذين عبثوا بالتوابين وقتلوا زيدًا ومن معه من الثائرين.

  ولم يكتفِ يزيدُ بما فعلَ في المدينةِ، بل وَجَّهَ جيوشَهُ جهةَ مكةَ المكرمةِ، فرُميتْ بالمنجنيقِ من الجبالِ حتى تهدمتْ واحترقتْ؛ وذلك لإجبارِ الناسِ على السمعِ والطاعةِ ليزيدَ وعلى أن يكونوا عبيدًا له.

  قالَ المسعودي: ليزيدَ أخبارٌ عجيبةٌ، ومثالبُ كبيرةٌ من شربِ الخمرِ، وقتلِ ابنِ رسولِ اللهِ، ولعنِ الوصيِّ، وهدمِ البيتِ الحرامِ وإحراقِهِ، وسفكِ الدماءِ،