سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 368 - الجزء 2

  طياتِهِ آلافَ المآسي والأحزان، وهذا هو طبعُ الدنيا، وهكذا هي الحياةُ كما قالَ تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}.

  هي الدنيا وأنتَ بها خبيرٌ ... فكم هذا التجافي والغرورُ

  تدلي أهلَها بحبال غدرٍ ... فكلٌّ في حبائلها أسيرُ

  عبادَ الله:

  إنَّ الحديثَ عن الفتنِ والمحنِ ليس وليدَ اليومِ والساعةِ، بل إنَّ جذورَهُ متعمقةٌ في ذلك اليوم الذي هبطَ فيه آدمُ من الجنةِ، تاريخُهُ يمتدُ منذُ بدءِ الخليقةِ من عهدِ آدمَ وفتنةِ قابيلَ وهابيلَ وإلى يومِ القيامةِ، إنه صراعٌ بين الحقِّ والباطلِ على مرِّ العصورِ، صراعٌ بين الفضيلةِ والرذيلةِ، ونحن وفي الأمسِ القريبِ تحدثنا عن قصةِ الحسينِ سلامُ اللهِ عليه ومأساةِ كربلاءَ، واليومَ نتحدثُ عن مجزرةٍ أخرى، وجريمةٍ نكراءَ لا تقلُّ بشاعةً عن مجزرةِ كربلاءَ، إنها مذبحةُ نجمٍ من نجومِ أهلِ البيتِ يتكررُ معه نفسُ السيناريو والمشهدِ السابقِ في كربلاءَ، إنها محنةُ حفيدِ الحسينِ الثائرِ المثابرِ الغاضبِ للهِ مولانا الإمامِ زيدِ بنِ عليِّ بنِ الحسينِ بن عليِّ بنِ أبي طالبٍ سلامُ اللهِ عليهم أجمعين.

  عبادَ الله:

  مِن حقِّنا كمسلمين أن نُقَلَّبَ صفحاتِ التاريخِ، وأن نُنَقِّبَ بين سطورِهِ المشرقةِ ونتعرفَ على أخبارِ السابقين وأحوالِهم، وما حملت في طياتِها مِن عبرٍ وعظاتٍ ودروسٍ مستوحاةٍ من سيرِهم وتاريخِ حياتِهم {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}

  لا بد لنا من دراسةٍ لحياةِ القادةِ والعظماءِ والصالحين لنأخذَ منهم العظةَ