الخطبة الأولى
  بل كان من تلامذةِ الإمامِ زيدٍ وأتباعِهِ، وقد أوصى بالجهادِ معه وأعانَهُ بثلاثين ألفَ درهمٍ.
  وقالَ عنه الشعبيُّ: (ما ولدتِ النساءُ أفضلَ من زيدِ بنِ عليٍّ).
  وكان الجاحظ يفاخرُ بالإمامِ زيدٍ # ويثني عليه أبلغَ الثناءِ، وكان الإسكافيُّ وغيرُهُ من كبارِ المعتزلةِ يتفاخرون بالإمامِ زيدٍ وينتسبون إليه ويقولون: نحن زيديةٌ.
  وأبلغُ دليلٍ على أفضليةِ الإمامِ زيدِ بنِ عليٍّ # شهادةُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ له بأنه داعي حق، وصاحبُ حقٍّ حين قال: «يُقتلُ رجلٌ من ولدي يُدعى زيدًا بموضعٍ يعرفُ بالكناسةِ، يدعو للحقِّ يتبعُهُ عليه كلُّ مؤمنٍ».
  فهذه شهادةٌ ممن لا ينطقُ عن الهوى بأن الإمامَ زيدًا على الحقِّ، وشهادةٌ أخرى نبشرُ بها كلَّ أتباعِ الإمامِ زيدٍ # بأنهم مؤمنون بنصِّ حديثِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ حين قال: «يتبعُهُ عليه كلُّ مؤمنٍ»، ويعضدُ هذا القولَ حديثٌ آخرُ وبشارةٌ أخرى تضافُ إلى أدلةِ الزيديةِ وشيعةِ الإمامِ زيدٍ وأتباعِهِ بأنهم على الحقِّ وذلك قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ للحسين #: «يا حسينُ، يخرجُ من صلبِكَ رجلٌ يقالُ له: زيد يتخطى هو وأصحابُهُ يومَ القيامةِ رقابَ الخلقِ، غرًّا محجلين يدخلون الجنةَ بغيرِ حسابٍ» فأيُّ إمامٍ وردَ في حقِّهِ مثلُ هذه الشهادةِ، وأيُّ أتباعِ مذهبٍ لهم مثلُ هذه البشائر.
  عبادَ الله: -
  إذا لم يكن الإمامُ زيدٍ على حقٍّ وصوابٍ فمع مَن يكونُ الحقُّ؟
  وأيهما أحقُّ بالإتباعِ الذي أخذَ علمَهُ من علماءِ العجمِ، وتتلمذَ على أيدي علماءِ السوءِ الذين باعوا دينَهم بعرضٍ من الدنيا؟
  أم الذي تلقَّى علمَهُ غضًّا طريًّا من علماء حلماء، واستقاه من منبعٍ صافٍ عذبٍ زلالٍ، وسمعَهُ من أفواهِ طاهرةٍ صادقةٍ، عن أبيه زينِ العابدين عن جدِّهِ