سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 76 - الجزء 1

  أفلحَ من نزهها من الدناءاتِ، أفلحَ مَنْ طهرَها مِن الآثامِ، فازَ من بناها على تقوى اللهِ وحسنِ طاعتِه، وخابَ وخسرَ من دَسَّاها ودنَّس ساحتَها بالرجسِ والآثامِ.

  عبادَ الله: الدينُ ليسَ مجردَ رأيٍ أو مجردَ قصصٍ وأساطيرَ تَنَاقلتْها الألسنُ وحاكتْها الأفكارُ.

  إنه صراطُ اللهِ ومنهاجُه، وميثاقه الذي واثقَكم به. إنه الطريقُ إلى الجنَّةِ، إنه سُلَّمُ الحياةِ الأبديةِ، والخلودِ الدائمِ، إنه بوابةُ الرضى والنعيمِ. إن الدِّينَ شيءٌ عظيمٌ، وأمرُه جسيمٌ وذو أهميهٍ بالغةٍ، عَظُم بِعِظَمِ غايتِه، وشَرُفَ بشرفِ هدفِه.

  إنَّ وراءَه إما جنةٌ ونعيمٌ، أو نارٌ وحميمٌ.

  إن وراءَه إما فوزٌ وفلاحٌ، أو خسرانٌ ونواحٌ.

  إن وراءه إما عزةٌ وكرامهٌ، أو ذلٌّ وندامةٌ.

  إن وراءَه إما راحةٌ أبديةٌ، أو حسرةٌ سرمديةٌ.

  عبادَ الله: إن دينَكم هذا ليس أسلافاً وأعرافاً قَبَلِيَّةً، إنه سُنَّةُ اللهِ وشرعُه، قلّدَ به أعناقَنا، وألزمَنَا بِه أبداً ما أبقانا، وأن نأخذَ بأحسَنِه وألا نتفرقَ عنه.

  {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

  {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} أن أقيموا الدينَ ولا تتفرقوا فيه كلمتانِ ما أيسرَهما على اللسانِ وما أثقلَ الحفاظَ عليهما. أقيموا الدينَ للهِ، ورسخوا قواعدَه، وشيدُوا بنيانَه.

  ودَعُوا الفُرْقةَ والخلافَ وانبذِوا البِدَعَ والمحدثاتِ، واتبعوا الصراطَ القويمَ ودَعُوا سبلَ الغيِّ والضلالِ.

  {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}.