سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 125 - الجزء 1

[١١] - أصول العقيدة

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله ربِّ العالمين ذي الجلالِ والإكرامِ الذي لا تراه العيونُ، ولا تحيط به الظنونُ، المتنزه عن اتخاذِ الصواحبِ والأبناءِ، لا يحويه مكانٌ ولا يقارنُ بزمان، وأشهد ألّا إله إلا اللهُ واحداً أحداً، فرداً صمداً، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدٌ المصطفى، الفاتحُ لما انغلق، والخاتمُ لما سبق، صلى الله عليه وعلى آله الهداة سفن النجاة، وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.

  عبادَ الله: نحمد الله أن جعلَنا من خيرِ أمةٍ أخرجت للناسِ، وأفضلِ أمةٍ بين الأممِ، وفضلنا على كثيرٍ ممن خلق تفضيلا، كما قال عز من قائل: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} جعلَنَا اللهُ أمةً وسطاً في الفضلِ والخيرِ، وسطاً في عقائِدِها ومبادئِها، ليست بذات إفراطٍ ولا تفريطٍ، ولا تشبيهٍ ولا تعطيلٍ، قامت دعائمُها على قواعدِ العدلِ والتوحيدِ، شهدت للهِ بالعدلِ في حُكمِه فنزهتْهُ من كلِّ عيبٍ ونقصٍ، وظلمٍ وقبحٍ، وأقرَّت لله بالوحدانيةِ بلا شريكٍ، ولا شبيهٍ، ولا مثيلٍ، لم يلدْ ولم يولدْ، ولم يكن له كفؤاً أحدٌ، ليس كمثلِه شيءٌ وهو السميعُ البصير.

  عبادَ الله: إن اللهَ لم يمتدح هذه الأمةَ، ولم يفضلها على غيرِها من الأممِ السابقةِ إلا لكونها نهجت منهجَ الحقِّ، وسبيلَ اليقينِ واتبعت الصراطَ السويَّ المستقيم، صراطَ اللهِ القويمَ، الذي أنعمَ به على عباِده المتقين، الذين نهجوا نهجَه واتبعوا