سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 165 - الجزء 1

الخطبة الثانية

  

  الحمد لله العلي العظيمِ المدبرِ لخلقهِ كما يشاءُ وهو الحكيمُ العليمُ، حرم على عبادِه كلَّ ما يضرُّهم في دينِهم أو دنياهم رحمةً بهم وهو الغفورُ الرحيم، وجعل تعاطي ما حرَّمَه عليهم سبباً للخسرانِ في الدنيا والدين، وأوجب على المؤمنين أن يتعاونوا على البرِّ والتقوى، وأن يأخذوا على أيدي السفهاء فيأطروهم على الحق أطراً، فإن فعلوا ذلك استقامت أمورَهم وصلحت أحوالُهم في الدنيا والأخرى، وإن هم أضاعوا ذلك وأهملوا ذلك خسروا الصفقة ووقعوا في الهلاكِ والردى، نحمده على نعمِه التي لا تُحصى ونشكره على فضائِله العظمى.

  وأشهد ألّا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ يومَ يجمعُ الخلائقَ في صعيدٍ واحدٍ ويجزي كلَّ نفسٍ بما تسعى.

  وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه الصابرُ للهِ وباللهِ وفي اللهِ حتى أقامَ اللهُ به الدينَ صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً.

  أما بعد: -

  عبادَ الله: أيها المؤمنون، استيقظوا، انتبهوا، أفيقوا، ارجعوا إلى الدليلِ المرشدِ، والدستورِ الرباني، والرسالةِ الإلهيةِ، وتصفحوها، وتفقهوا أقوالَها، أهي مطابقةٌ لما نعملُ؟ أم أنها في جانبٍ ونحن في جانبٍ آخر.

  عبادَ الله: والله إننا لنخشى أن نصبحَ في زمرةِ مَن قال الله فيهم: {الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}

  عبادَ الله: إننا قد ابتعدنا عن الدين بما تعنيه الكلمةُ، وتلبسنا بجلبابٍ حسبناه جلبابَ التقوى، فإذا هو دثارُ الغرورِ، وتسمينا بالمسلمين، اسم بلا معنى، إذ أخذنا ديننا من غيرِ أهلِه، واستقيناه من غيرِ منبعِه، واللهُ تعالى يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.