الخطبة الأولى
[١٩] - تربية الأبناء
الخطبة الأولى
  
  الحمد لله الأولِ بلا ابتداء، والآخرِ بلا انتهاء، والدائمِ بلا فناء، المتعالي عن اتخاذِ الصواحبِ والأبناء، سابغ النعم ودافع النقم، ونور المستوحشين في الظُّلَم، فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته.
  نشهد أنه الله الذي لا إله إلا هو، عدلٌ في الحكمِ، رؤوفٌ بالعبادِ، ليس كمثلِه شيءٌ وهو السميعُ البصير.
  وأشهد أن سيدَنا وسندَنا وحبيبَ قلوبِنا صفوةَ اللهِ من خلقِه، وخيرتَه في أرضِه، محمدٌ بنُ عبدِ الله ~ وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
  وبعد:
  عبادَ الله: أوصيكم ونفسي أولاً بتقوى اللهِ، في النفسِ والمالِ والولدِ واعلموا أنّ اللهَ خلقَنا ليبتليَنا، ومكننا بالقدرةِ والعقلِ ليختبرَنا، وأنعمَ علينا بأن فضلنا على سائر المخلوقات، لينظر شكرنا، وأرسل إلينا الرسل، وأيدهم بالمعجزات والبينات النيرات لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، ولكننا قلبنا موازين الحق وطففنا مكاييل الفطرة، وغيرنا وبدلنا نعمة الله وأحلينا أنفسنا وأهلينا دار البوار.
  إن الله فطرنا على فطرةٍ ارتضاها لنا وملةٍ اختارَها واصطفاها لعبادِه ألا وهي ملةُ الإسلامِ {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ}.
  عبد الله: إن الله خلقك خلقاً سوياً، وأكملَ تركيبَك على أحسنِ هيئةٍ، وأتمِّ صورةٍ، وأحسنِ تقويمٍ، ونفخَ فيك روحاً طيبةً زكيةً مؤمنةً مسلمةً. فالله ﷻ عدلٌ حكيمٌ، لم ينفخْ في هذا الجسدِ روحاً طيبةً، وفي ذاك روحاً خبيثةً