سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 281 - الجزء 1

[٢٤] - الحياة الدنيا في صورتها الحقيقية

الخطبة الأولى

  

  الحمدُ لله سابغِ النعمِ، ودافعِ النقمِ، نحمدُه في السراءِ والضراءِ، وعلى الشدةِ والبلاءِ ونعوذُ به من شرِّ الأشرارِ، ومن نوائبِ الأقدارِ ومن شرِّ طوارقِ الليلِ والنهارِ، إلا طارقاً يطرقُ بخيرٍ، اللهم أنت عدتنا إن حزنا، وملجأنا إن حُرمنا وأنت كهف كل مظلوم، ومأوى كل مهضوم وملاذ كل مغموم، وفرَجَ كل مهموم، نسألك العفو فيما مضى، والسلامة فيما بقي، ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا شبيه ولا مثيل، تعالى عن فعل القبيح، وتنزه عن ظلم العباد. وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه وخيرتُه من خلقِه، وصفوتُه في أرضِه، بلغَ الرسالةَ وأدى الأمانةَ، ونصح الأمةَ، وكشفَ اللهُ به الظلمةَ وأزالَ به الغمةَ، فصلوات الله تغشاه دائما أبداً من يومنا هذا إلى يوم الدين، وعلى آله وعترته الأنجبين وسلم تسليماً كثيراً.

  وبعدُ:

  عبادَ الله: إن اللهَ لم يوجدنا في هذِه الدنيا للّهوِ والراحةِ والهناءِ، ولا للضحكِ واللعبِ، وإنما أوجدنا للكدح والتعب والعمل كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ} وقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} صدق الله العظيم.

  فالحياة بطبعها جُبلت على العَناءِ والمشقةِ والبلاءِ، فلا غرابةَ فيما يطرئ عليها وما يعتورها من المتاعب والصعاب والآلام.

  كيف وقد تدرعت لكل مهمة وملمة، وصارت مسرحاً للبلاء، وميداناً للتمحيص، وميزاناً دقيقاً للاختبار دبلجها خالقها وفطرها تحت عنوان بارز، ومشهد جلي، يوضح الغاية منها ويبين الهدف من ورائها.