الخطبة الأولى
[١] - الحث على العمل
الخطبة الأولى
  
  الحمد لله الذي اصطفى محمداً ÷ لرسالتهِ، وارتضاه لدينهِ، وائتمنهُ على وحيهِ، وابتعثَهُ رحمةً للعالمين، فكشفَ به الظُّلَم، وأوْضَحَ به البُهَم، وفتح به أَعْيُناً عُمياً وآذاناً صُمّاً، وقلوباً غُلفاً، وأتمَّ برسالتهِ النعمةَ، وأكملَ بنهجِه الرحمةَ، فله تعالى أكملُ الحمدِ وأوفاهُ، وأتمهُ وأنماهُ، وأعلاهُ وأرضاهُ.
  وأشهد ألَّا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ولا مثيلَ ولا شبيهَ، واحداً أحداً، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، ولم يكن له كفؤاً أحد.
  وأشهدُ أن سيدَنا ومولانا محمداً عبدُهُ ورسولُهُ بلَّغَ رسالاتِ ربِه، وصبر على حكمِه وأُوذِيَ في جنبِه، وجاهدَ في سبِيله، ونصحَ لأُمّتِه حتى أتاهُ اليقين، فصلوات الله عليه دائماً سرمداً من يومنا هذا إلى يوم الدين وعلى آله الطاهرين وسلمَ تسليماً كثيراً.
  وبعد:
  عبادَ الله: أُوصيكم ونفسيَ أوّلاً بتقوى اللهِ، وإتباعِ أمرِه والسيرِ على نهجِه، والاستقامَةِ على هداه امتثالاً لأمرِه تعالى القائل: {وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}.
  واعلموا عبادَ الله: بأن ليسَ هناكَ من الأحياءِ أغفلُ مِمَنْ ضَلَّ عنِ الهدى واتبعَ هواهُ أولئكَ كالأنعامِ بلْ هم أضلُّ سبيلاً لهم أعينٌ لا يُبصرون بها، ولهم آذانٌ لا يَسمعون بها ولهم قلوبٌ لا يَعقلون بها.
  هل تعلمُ عبدَ الله بأنَّكَ في رِحلةٍ طويلةٍ وعلى سفرٍ بعيد، رحلةٍ لها بدايةٌ وموعدُ نهاية، وأنت بين هذا وذاكَ من ضِمْنِ أفرادِ الرحلة.