الخطبة الثانية
الخطبة الثانية
  
  الحمدُ للهِ الذي هدانا للإسلامِ، وجَعَلَنا من أمةِ القرآنِ، فأبانَ لنا بِه الأحكامَ، وعرَّفنا به الحلالَ والحرامَ.
  نحمدُه على ما هدانا وأولانا، ونسألُه السدادَ في أُخرَانا، والتوفيقَ في المآلِ، والرشادَ في كلِّ حال.
  ونشهدُ ألَّا إلهَ إلا اللهُ وليُّ الصالحين، وناصرُ المظلومين.
  ونشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه المبعوثُ رحمةً للعالمين، أرسلَه بالهدى والدينِ، ليخرجَ الناسَ من الظلماتِ إلى النورِ، ولو كَرِهَ الكافرون، فصلواتُ اللهِ عليهِ دائماً أبداً وعلى آله أربابِ الهدى ومصابيحِ الدجى وسلَّم تسليماً كثيراً سرمدياً من يومنا هذا إلى يومِ الدين.
  أما بعد:
  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
  عبادَ الله: إن اللهَ قد أبانَ لكم شعائرَه فالزموها، وقد حذَّرَكم محارمَه فاجتنبوها، وعلمكم حدودَهُ فلا تعتدوها ومَن يتعدَّ حدودَ الله فقد ظلمَ نفسَه.
  ألا وإن الدينَ عبادةٌ للهِ ومعاملةٌ مع خلقِه، ولا يستقيمُ إيمانُ عبدٍ إلا بإقامتهما فمن أقامهما فقد أقامَ الدينَ، ومن هدمهما فقد هدمَ الدينَ «ألا إنَّ الدينَ المعاملةُ، ألا إنَّ الدينَ المعاملةُ» فمن أساءَ معاملتَه مع إخوانِه المؤمنين، ولم يَقُمْ بما أمرَه اللهُ بإقامتِه من الحقوقِ، فليس مِن اللهِ في شيءٍ وإن صلى وإن صامَ وزعمَ أنه مؤمنٌ.
  قال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ