الخطبة الثانية
  عيد الفطر
الخطبة الثانية
  
  الحمدُ لِلهِ الرّحمنِ الرَّحِيمِ، الوَاحِدِ الْأَحَدِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ، ذِي الجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَالْفَضْلِ وَالْإِنْعَامِ، وَالْعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامُ.
  وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَه إِلَّا اللهُ، مَانِحُ الْخَيرِ وَمُعْطِيهِ، وَصَانِعُ الإِحسانِ وَمُبْتَدِيه، هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَه إِلَّا هُو فَاعْبُدُوُه مُخْلِصِينَ لَه الدِّينَ وَلَو كَرِهَ الْكَافِرُون.
  وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَه عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلهِ الطَّاهِرينَ.
  أَمَّا بَعْدُ، عِبادَ اللهِ:
  إِنّ الْعِيدَ الْأَكْبَرَ فِي الْإِسْلامِ هُو أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَتُطِيعَه، لَا أَنْ تُنَظِّفَ ثِيابَكَ وَجَسَدَكَ فَقَطْ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تُنَظِّفَ قَلْبَكَ مِن الذُّنُوبِ وَالْآَثَامِ، وَمِنَ الْحسَدِ وَالْحِقْدِ وَالْغِلِّ وَالنِّفَاقِ. الْعِيدُ أَنْ تُنَظِّفَ مَبْدَأكَ، وَأَنْ تُطَهِّرَ مَسْعَاكَ حَتَّى لَا يَصْدُرَ مِنْكَ إِلَّا مَا فِيهِ نَفْعٌ لِلإِسْلَامِ وَأَهْلِه.
  فَرُبَّ مُطَهِّرٍ لِثيَابِهِ، مُنَظِّفٍ لِبَدنِه وَهُو مُدَنِّسٌ لِبَاطِنِه، قَدْ أَصْبَحَ قَلْبُه جِيْفَةً بِالذُّنُوبِ، نَتِناً من المعاصي، تَفُوْحُ مِنْهُ رَوَائِحُ الْأَحْقَادِ وَالْأَضْغَانِ وَالنِّفَاقِ.
  عَبْدَ الَّلهِ:
  إِنَّ الْحَيَاةَ بَذْلٌ وَعَطَاءٌ، جِهادٌ وَكِفاحٌ، لا رَاحَةَ لِلمُؤْمِنِ فِيها إِلَّا بِالسَّعْيِ فِي طَاعةِ اللهِ {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس ٩٨]، فَلَا بُدَّ مِن جِهادِ النَّفْسِ حَتَّى تُوَاظِبَ عَلَى فَرَائِضِ اللهِ، وَتَقُوْمَ بِمَا أَمَرَ اللهُ، وَتَسْتَقِيْمَ عَلَى طَاعَتِهِ، فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ.