سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 143 - الجزء 2

الاستعداد لليوم الآخر

الخطبة الأولى

  

  الحمدُ لِلهِ القَائِمِ بِنَفْسِهِ، الْواحِدِ العظيمِ فِيْ جَلالِهِ وَقُدسِهِ، الْعَلِيمِ بِأَحْوَالِ جِنِّهِ وَإِنسِهِ، وَمَنْ يُؤمِنْ بِاللهِ العَظِيْم وَيَعْمَلْ صَالحاً يُدْخِلْهُ دَارَ كَرَامَتِهِ، وأُنْسِه، وَمَنْ أَعْرَضَ وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنيا، يُدْخِلْهُ دَارَ نقمتِهِ وحبسِهِ، {فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ٣٧ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ٣٨}.

  نَحْمَدُهُ تَعَالَى وَهُوَ الْجَوادُ الكَرِيمُ، وَنَشْكُرُهُ ø وَهُوَ الْمُتَفَضِّلُ الْعَظِيْم.

  وَأَشْهَدُ أَنَّ لَّا إِلهَ إِلَّا اللّهُ العَلِيُّ الْكَرِيْمُ.

  وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّاهِرِيْنَ.

  أَمَّا بَعْدُ:

  أَيُّهَا النَّاسُ لَيْسَ الأَسَفُ عَلَى دُنْيَا آخِرُهَا الفَوَاتُ وَالْعَدَمُ، وَلَا عَلَى سُرُوْرٍ نَهَايَتُهَا التَّحَوُّلُ، وَالشَّتَاتُ، وَالنِّقَمُ، وَلَا عَلَى حُطَامِ الدُّنْيَا الفَانِيَةِ، الدُّنْيَا الزَّائِلَةِ، الدُّنْيَا الغَرَّارَةِ، الَّتِي أَصْبَحْنَا فِيْهَا مُنْهَمِكِيْنَ، وَبِلَذَّاتِهَا مَغْرُوْرِيْنَ، الَّتِيْ يَصِفُهَا سَيَّدُ الوَصِيِّيْنَ، وَإِمَامُ الزَّاهِدِيْنَ، عَلِيُّ بنُ أَبِيْ طَالِبٍ سَلَامُ اللهِ عَلَيهِ وَرِضْوَانُهُ، يُصَوِّرُهَا لَنَا بِتِلْكَ الصُّوْرَةِ الْوَاضِحَةِ، وَبِذَلِكَ الوَصْفِ الَّذِيْ تَسْتَحِقُّهُ الدُّنيا، حِيْنَمَا يَقُوْلُ سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ: «مَا أَصِفُ مِنْ دَارٍ أَوَّلُهَا عَنَاءٌ، وَآخِرُهَا فَنَاءٌ، فِي حَلالِهَا حِسَابٌ، وَفِي حَرَامِهَا عِقَابٌ، مَنِ اسْتَغْنَى فِيهَا فُتِنَ، وَمَنِ افْتَقَرَ فِيهَا حَزِنَ، وَمَنْ سَاعَاهَا فَاتَتْهُ، وَمَنْ قَعَدَ عَنْهَا وَاتَتْهُ، وَمَنْ أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ، وَمَنْ أَبْصَرَ إِلَيْهَا أَعْمَتْهُ» ..

  وَيَصِفُها اللهُ لَنَا بِأَنَّها دَارُ لَعِبٍ وَلَهْوٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.