سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 201 - الجزء 2

على أرض المحشر

الخطبة الأولى

  

  الحمدُ للهِ الملكِ الحقِّ المبينِ، خالقِ الإنسانِ مِن سُلالةٍ من طينٍ، الذي خلقَ الإنسانَ وصوَّرَهُ، ثم السبيلَ يسرَهُ، ثم أماتَهُ فأقبَرَهُ، ثم إذا شاءَ أنشرَهُ.

  وأشهدُ ألَّا إلهَ إلا اللهُ توحَّدَ بالعزَّةِ والبقاءِ، وقهرَ عبادَهُ بالموتِ والفناءِ، له الملكُ ولهُ الحمدُ يحيى ويميتُ بيدِهِ الخيرُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٍ.

  وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُه الشفيعُ المشفَّعُ يومَ الفزعِ الأكبرِ، وصاحبُ اللواءِ الأخضرِ وسلسبيلُ الكوثرِ، محمدٌ ذو النورِ الأزهرِ، والوجهِ الأنورِ، صلى الله عليه وعلى عِترتِه الأبرارِ ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ وسلَّمِ تسليماً كثيراً.

  أما بعد:

  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ٣٣ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}

  عباد الله:

  إن المستعرضَ لأحداثِ الحياةِ، والمعتبرَ بنوائبِ الزمانِ، والمتدبرَ لآياتِ القرآنِ وما حوتْ من سورٍ وآياتٍ تصورُ موقفَ القيامةِ والحشرِ والطامةِ، وذكرٍ للوعدِ والوعيدِ، وترهيبٍ وترغيبٍ - ليقفُ مدهوشًا حائرًا أمامَ هذهِ المشاهدِ الغريبةِ، والتصويراتِ العجيبةِ، والمواقفِ المذهلةِ التي يعجزُ عن إدراكِ كنْهِهِا اللبيبُ، ويحارُ