سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 246 - الجزء 2

الخطبة الأولى

خلافة الله في الأرض

  

  الحمدُ للهِ القويِّ العظيمِ الرقيبِ الشهيدِ، يُدَبِّرُ خَلْقَهُ كما يشاءُ بحكمتِهِ فهو الفَعَّالُ لِمَا يُريدُ، أَحْكَمَ ما شَرَعَ وَأَتْقَنَ ما صَنَعَ فهو الوليُّ الحميدُ، حَدَّ لعبادِهِ حُدودًا وَنظمَ لهم تنظيمًا وقالَ لهم: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} فصارَ الناسُ على أقسامٍ، فمنهم ظالمٌ لنفسِهِ ومنهم مقتصدٌ ومنهم سابقٌ بالخيراتِ بإذنِ اللهِ، وإنَّ اللهَ ليُمْلِي للظالمِ حتى إذا أخذَهُ لم يُفْلِتْهُ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}.

  وأشهدُ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، الملكُ القهارُ، فلا ضدَّ لَهُ ولا نَديد.

  وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ القائمُ بأمرِ اللهِ الناصحُ لعبادِ اللهِ على الرُّشْدِ والتسديدِ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ الطيبينَ الطاهرين وسلَّم تسليماً كثيراً.

  أما بعد

  عباد الله:

  إنَّ المتأملَ في خلقِ اللهِ وما أبدعَ في هذا الكونِ مِن دِقَّةٍ في الصنعِ وإحكامٍ في الخلقِ وإحسانٍ في الإنشاءِ حتى اتسقَ على أكملِ نظامٍ واستقامَ في أتّمِّ هيئةٍ.

  فتباركَ اللهُ أحسنَ الخالقين الذي أحسنَ كلَّ شيءٍ خلقَهُ وبدأَ خَلْقَ الإنسانِ من طينٍ {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}

  {إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ