سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 83 - الجزء 1

الخطبة الثانية

  

  {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} لا نشركُ بالله شيئاً، ولا نتخذُ من دونِه إلهاً ولا وليّاً، نحمدُه على ما خَصَّنا به من نعمِه، ودلَّنا عليه من طاعتِه، واستنقَذَنا به من الهلكةِ برحمتِه، وبصَّرنا به من سبيلِ النجاةِ، وابتدَأَنا بِه من الفضلِ العظيمِ، والإحسانِ الجسيمِ، بمحمدٍ البرِّ الرؤوفِ الرحيمِ ÷، أرسَلَه إلينا، فكان كما قال ø: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} فبلغَ رسالةَ ربِه ÷ الطيبين الطاهرين.

  وأشهدُ ألّا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، الملكُ الحقُّ المبينُّ.

  وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه الأمينُ، بلَّغَ رسالةَ ربِه، وأُوذِيَ في جَنْبِه، وصَبَر وصابر حتى أتاهُ اليقينُ، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين.

  أما بعد:

  عبادَ الله: أكثرُ الناسِ بلاءً الأنبياءُ ثم الأمثلُ فالأمثلُ، أمرٌ لا بُدَّ من أن يلقاهُ المؤمنُ ليميزَه اللهُ عن الكاذبِ.

  وذلك قول الله تعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.

  البلوى معيارٌ يُعرفُ به صادقُ الإيمانِ من كاذبِه، فمن كان مؤمناً راسخاً في إيمانِه قد أسس بنيانَه على تقوى من اللهِ ورضوانٍ، فلا يضيرُه ما أصابه، ولا يردُّه عن دينِه مهما كان بلائُه {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا}.

  وأمَّا مَنْ بنى نفسَه على جُرُفٍ هار، وأسَّسَ بنيانَه على شكٍّ وارتيابٍ، فإنه