الخطبة الأولى
[٨] - مع المتقين
الخطبة الأولى
  
  الحمدُ للهِ الذي هدانا للإسلامِ، وأكرمَنا بالإيمانِ، وأعزَّنا بالقرآنِ، الحمدُ للهِ الذي بصَّرَنا بالدينِ وشرفنا باليقينِ.
  ونشهدُ ألَّا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَهُ، المتفردُ بصفاتِ الكمالِ، العدلُ الحكيمُ ذو الجلالِ، المنزَّهُ عن القبيحِ في الأقوالِ والأفعالِ، المتعالي عن صفاتِ الجورِ والنقصان.
  ونشهدُ أن سيدَنا ورسولَنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهِ وعلى آلهِ الطاهرينَ الأبرارِ، الطيبين الأخيارِ.
  وبعدُ:
  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
  عبادَ الله: أوصيكم ونفسي أوَّلاً بتقوى الله {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللّهَ}.
  واعلموا رَحِمني اللهُ وإياكم، بأنَّ التقوى من الإيمانِ بمنزلةِ الروحِ من الجسدِ، ولا خيرَ في إيمانٍ بلا تقوى، فالتقوى هي لبُّ الدينِ ولبابُه {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ٢٧} والذين بنوا إيمانَهم على غيرِ تقوى من اللهِ {أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَاب}.
  ألَا وإنَ الذين قصدوا بأعمالِهم السُّمعةَ ورياءَ الناس {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ}.