الأربعاء ، 4/ شوّال/ 1446
/ عن الموقع

المكتبة الزيدية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وبعد: فاستجابة لقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال:24]، ولقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، [آل عمران:104]، ولقوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى:23]، ولقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب:33]، ولقوله تعالى: {إنما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة:55]. ولقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أهل بيتي فيكم كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى»، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء»، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «من سرّه أن يحيا حياتي؛ ويموت مماتي؛ ويسكن جنة عدن التي وعدني ربي؛ فليتول علياً وذريته من بعدي؛ وليتولّ وليه؛ وليقتد بأهل بيتي؛ فإنهم عترتي؛ خُلقوا من طينتي؛ ورُزقوا فهمي وعلمي» الخبر، وقد بيّن صلى الله عليه وآله وسلم بأنهم: علي، وفاطمة، والحسن والحسين وذريّتهما عليهم السلام عندما جلَّلهم صلى الله عليه وآله وسلم بكساءٍ وقال: «اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً». استجابةً لذلك كلّه كان تأسيس موقع وتطبيق المكتبة الزيدية. ففي هذه المرحلة الحرجة من التاريخ؛ التي يتلقّى فيها مذهب أهل البيت عليهم السلام مُمثلاً في الزيدية، أنواعَ الهجمات الشرسة، رأينا المساهمة في نشر مذهب أهل البيت المطهرين صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عَبْر نَشْرِ ما خلّفه أئمتهم الأطهار عليهم السلام وشيعتهم الأبرار رضي الله عنهم، وما ذلك إلا لثِقَتِنا وقناعتنا بأن العقائد التي حملها أهل البيت عليهم السلام هي مراد الله تعالى في أرضه، ودينه القويم، وصراطه المستقيم، وهي تُعبِّر عن نفسها عبر موافقتها للفطرة البشرية السليمة، ولما ورد في كتاب الله عزّ وجل وسنة نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم. واستجابةً من أهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لأوامر الله تعالى، وشفقة منهم بأمة جدّهم صلى الله عليه وآله وسلم، كان منهم تعميدُ هذه العقائد وترسيخها بدمائهم الزكيّة الطاهرة على مرور الأزمان، وفي كلّ مكان، ومن تأمّل التاريخ وجَدَهم قد ضحّوا بكل غالٍ ونفيس في سبيل الدفاع عنها وتثبيتها، ثائرين على العقائد الهدَّامة، منادين بالتوحيد والعدالة، توحيد الله عز وجل وتنزيهه سبحانه وتعالى، والإيمان بصدق وعده ووعيده، والرضا بخيرته من خَلْقِه. ولأن مذهبهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ دينُ الله تعالى وشرعه، ومرادُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإرْثُه، فهو باقٍ إلى أن يرث الله الأرض ومنْ عليها، وما ذلك إلا مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض». قال الإمام الحجّة: مجدالدين بن محمد المؤيدي عليه السلام: (واعلم أن الله جلّ جلاله لم يرتضِ لعباده إلا ديناً قويماً، وصراطاً مستقيماً، وسبيلاً واحداً، وطريقاً قاسطاً، وكفى بقوله عزّ وجل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:153]. وقد علمتَ أن دين الله لا يكون تابعاً للأهواء: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [المؤمنون:71]، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس:32]، {شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21]. وقد خاطبَ سيّد رسله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله عز وجل: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)} [هود]، مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه من أهل بدر، فتدّبر واعتبر إن كنتَ من ذوي الاعتبار، فإذا أحطتَ علماً بذلك، وعقلتَ عن الله وعن رسوله ما ألزمك في تلك المسالك، علمتَ أنه يتحتّم عليك عرفانُ الحق واتباعه، وموالاة أهله، والكون معهم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:119]، ومفارقةُ الباطل وأتباعه، ومباينتهم {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:51]، {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة:22]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة:1]، في آيات تُتْلى، وأخبار تُمْلَى، ولن تتمكن من معرفة الحق وأهله إلا بالاعتماد على حجج الله الواضحة، وبراهينه البيّنة اللائحة، التي هدى الخلق بها إلى الحق، غير معرّج على هوى، ولا ملتفت إلى جدال ولا مراء، ولا مبال بمذهب، ولا محام عن منصب، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}) [النساء:135] [انتهى من التحف الفاطمية شرح الزلف الإمامية].