الإمام أبو طالب الهاروني (340 – 424) هو الإمام الناطق بالحق، الظافر بتأييد الله عز وجلّ، أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. فنسبه عليه السلام النسب الشريف، وعنصره العنصر الزاكي المنيف، وما ظنّك بنسب ينتهي إلى الرسول وحيدر والبتول، ولله درّ القائل: إليكم كل مكرمة تؤولُ ... إذا ما قيل جدّكم الرسولُ أليس أبوكم الهادي علي ... وأمّكم المطهّرة البتولُ مولده عليه السلام ولد عليه السلام سنة أربعين وثلاثمائة. نشأته عليه السلام نشأ عليه السلام على طريقة تحكي في شرفها جوهرَهُ، ويحاكي تفصيلها عنصرَه، فكان عليه السلام في الورع والزهادة والفضل والعبادة على أبلغ الوجوه وأحسنها. وقد كان الصاحب الكافي رضوان الله عليه يقول: ليس تحت الفرقدين مثل الأخوين -يعني السيدين المؤيد بالله وأبا طالب عليهما السلام. قراءته قرأ عليه السلام على السيد أبي العباس الحسني عليه السلام فقه العترة عليهم السلام حتى لجج في غماره، ووصل قعر بحاره. وقرأ في علم الكلام على الشيخ أبي عبدالله البصري، فاحتوى على فرائده، وأحاط معرفة بجليّه وغرائبه، وقرأ عليه أيضاً في أصول الفقه، ولقي غيره من الشيوخ وأخذ عنهم، وحسبك في مبلغ علمه ما قاله الإمام المنصور بالله عليه السلام: (لم يبقَ من فنون العلم فنّ إلا طار في أرجائه، وسبح في أفنانه). وقال الفقيه حميد الشهيد في سياق كلام يصفه فيه عليه السلام: حتى أضحى في فنون العلم بحراً يتغمطم تيّاره، ويتلاطم زخاره. قال الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي عليه السلام: من مؤلّفاته: • المجزي في أصول الفقه مجلدان، وهو من الأمهات [طبع]. • وكتاب التحرير [طبع]. • وشرحه اثنا عشر مجلداً، وفيه وفي تجريد أخيه يقول الإمام الداعي يحيى بن المحسن عليه السلام في أرجوزته: قد صنّفا التحرير والتجريدا ... لقول يحيى أظهرا التأييدا على قياس قوله محدوداً ... مجتهدَين آثرا التقليدا واغترفا حوضاً له مورودا • وكتاب مبادئ الأدلة في الكلام. • وكتاب الدعامة [طبع]. • وكتاب الإفادة في تاريخ الأئمة السادة [طبع]. • والأمالي المعروفة في الحديث [طبع]. • شرح البالغ المدرك [طبع]، وغيرها. قال الحاكم يصفه عليه السلام: وعليه مسحة من العلم الإلاهي، وجذوة من الكلام النبوي. ذكر بيعته عليه السلام بُويع له عليه السلام بعد أخيه المؤيد بالله عليه السلام، ولم يتخلّف عنه أحد ممن يرجع إلى دين وفضل، لعلمهم بظهور علمه، وغزارة فهمه، واجتماع خصال الإمامة فيه، وزاد عليه السلام على ما يجب اعتباره من الشرائط زيادة ظاهرة. وقال بعض شيعته لما بُويع له: سرّ النبوّة والنبيا ... وزها الوصية والوصيّا أن الديالم بايعتْ ... يحيى بن هارون الرضيّا ثم استربّت بعادة الـ ... أيام إذْ عادت عليا ياليت شعري هل أرى ... نجماً لدولتكم مضيا فأكون أول من يهزّ ... إلى الهياج المشرفيّا وأقام عليه السلام آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، على طريقة العترة المطهرة، الكرام البررة، وكان يدرس بجرجان مرّة، وبالديلم مرّة، حتى مضى إلى رضوان الله تعالى. وكانت وفاته عليه السلام بالديلم سنة أربع وعشرين وأربعمائة. قال في الحدائق: وهذا هو الأقرب وإن ذُكر دونه في بعض المواضع. وله عليه السلام ولد واحد، وهو أبو هاشم محمد بن يحيى، أمه أم الحسن بنت يحيى بن الداعي الحسن بن القاسم الحسني، ولا عقب له.