[وقوع الكذب في الحديث]
  فتنافسوا في الدنيا فليس يجيء أحد من الناس عاملاً من عمال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلاَّ كتب اسمه وقربه وشفعه، فلبثوا بذلك حيناً، ثُمَّ كتب (معاوية)(١) إلى عماله: أن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية، فإذا جاء كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في فضائل أبي تراب وشيعته إلاَّ واتوني بمناقض له في الصحابة، فإن هذا أحب إليّ وأقر لعيني وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله، فقريت كتبه على الناس فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها، وحشد الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى أشادوا بذكر ذلك، وألقي إلى معلمي الكتاب فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن وحتى علموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم ... إلى أن قال فيها: ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة، وكان أعظم الناس في ذلك بلية القراء المراءون والمتصنعون الذين يظهرون الخشوع والتنسك فيفتعلون الأحاديث ليحضوا بذلك عند ولاتهم ويقربوا مجالسهم ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل، حتى انتقلت تلك الأخبار
(١) هذه اللفظة زيادة في بعض النسخ. تمت