الرد على الروافض من أهل الغلو،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

صفحة 543 - الجزء 1

  الأمر على ما وصفتهم، لم يقل تبارك وتعالى بخلاف قولكم، لقوله: {لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} وقد قال تبارك وتعالى: {وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}⁣[لقمان: ٢٩]. فهل أصحابكم إلا من الأنفس، وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً}⁣[النحل: ٧٣]. فقد جمعت هذه الآية جميع ولد آدم، لأن كل ولد آدم خرجوا من بطون النساء، كل نبي وغيره، وقد أخبرنا أنهم لم يعلموا شيئا حتى علّموا، وقد قال - تصديق ما قلنا في محكم كتابه -: {ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ}⁣[الشورى: ٥٢]. وجميع دعواكم مكذّب له كتاب الله، فيا سبحان الله ما أعظم ما تقولون! وهل الشرك إلا دون ما تزعمون.

  فإن زعموا أنهم يجهلون تأويل كتاب الله، والنظر فيه، ويحتجون علينا بشيء، وتأويله خلاف ما يظنون.

  يقال لهم: كيف ذلك؟

  فإن زعموا أنه ليس لأحد ينظر في تأويل كتاب الله، ولا يحتج به إلا الأئمة.

  يقال لهم: أخبرونا عن القرآن كله ليس لأحد ينظر في كتاب الله، ولا يحتج به إلا الأئمة، ولا يتدبر إلا هم؟

  فإن قالوا: نعم.

  فقل لهم: فلم يتعلم الناس كتاب الله وهم لا يتدبرونه؟ وكيف وقد أكذب الله قولكم بقوله تبارك وتعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها ٢٤}⁣[محمد: ٢٤]. أفترى هذا قول الله للأئمة؟!