الرد على الروافض من أهل الغلو،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

صفحة 552 - الجزء 1

  فإن زعموا أن السنة لم تزل من لدن آدم إلى يومنا هذا، فقد كذّبوا كتاب الله، لقول الله تبارك وتعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً}⁣[المائدة: ٤٦]. وقد حرم الله على بني إسرائيل الصيد يوم السبت، وأحل لنا، وقد حرم الله عليهم الشحم وأحل لنا، لقول الله سبحانه: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ}⁣[آل عمران: ٤٦]. أفلا ترى أن عيسى حلّل لأمته الذي حرم موسى على أمته.

  فإن زعموا واحتجوا بقول الله: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً ٧٧}⁣[الإسراء: ٧٧]. ثم قال: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً}⁣[الأحزاب: ٥٥] أي: بالدعوة؛ لأن دعوة الأنبياء واحدة؛ لأن كلهم دعوا إلى طاعة الله ونهوا عن معصيته، غير أن في الشرائع لكل أمة شريعة، وأحل لأمة ما حرم على غيرها، محنة من الله وامتحانا، مع أن الأئمة من آل محمد ÷ الصفوة بعد الصفوة، لذلك ورث حسين الإمامة، لأنه كان خير أهل زمانه، مع ما كان فيه من الدلائل في نفسه، والآثار من نبيه، وإجماع الأمة على أنه خير أهل زمانه، وهو وأخوه (سيدا شباب أهل الجنة)، فهل يكون لأحد أن يتقدم على من هو خير منه؟! فالإمامة لا تكون إلا لخير أهل الأرض، يستبين للناس فضله وزهده وعلمه، وإنما الإمامة نقلة وصفوة وخيرة، ولم تزل كذلك من لدن آدم، تنقل من صفوة إلى صفوة.

  ولو أن النبوة والإمامة كانت وراثة لم تخرج (من اليمن إلى غيرها، إذ كان هود نبيا، كان يحيز الأمر في ولده، فلم يخرج) الأمر منه إلى غيره، لكن إنما هي صفوة