الرد على الروافض من أهل الغلو،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[صفة الإمام]

صفحة 561 - الجزء 1

  فكيف يسع حجة الله، إذ كان حجة على ما وصفتم أن يستغل الألوف، ويأخذ خمس أموالكم، ويوكّل في كل بلاد لقبض الأموال، ولا يفرّج على أحد من خلق الله، ولا يقسمها في الفقراء والمساكين؟! فلم ير منه صفة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ قال الله سبحانه: {وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً}⁣[الأحزاب: ٤٣]. {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ}⁣[التوبة: ١٢٨]. ولم ير منه صفة المؤمنين من أصحاب النبي # إذ قال الله فيهم: {رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً}⁣[الفتح: ٢٩]. {وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ}⁣[الحشر: ٤].

  فلا يرى فيه أن يفرج على أحد من فقراء المؤمنين إن ظلم أو قتل، ولم ير فيه النّصب حربا لأعداء الله، ولا يسير فيما يسخط الأعداء، ولم ير قط إلا طلب أخذ الأموال من غير أن يقسمها في المستضعفين! فكيف يسعنا أن نقول فيه: هو حجة، وليس يرى فيه صفة الحجج؟!

  وأما قولكم: إنه يعلم ما نفعل، ويعلم ما بسرائرنا، ونحن نرى فيكم شرّاب الخمور، ونرى فيكم الزنا واللواط، وأخذ أموال الناس، وظلم العباد، والتقاطع والجفاء، والمسير بغير ما أمر الله والقتل! وزعمتم بأنه يعلم منكم هذه الخصال، إذ زعمتم أنه يرى أفاعيل العباد، وهو يتولاكم على هذه الخصال، التي فيكم، فإن كان يتولاكم على هذا فليس من الله في شيء، لقول الله تبارك وتعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}⁣[هود: ١١٣]. وقوله: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا ٢٩}⁣[النجم: ٢٩]. وقوله: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}⁣[المجادلة: ٢٢]. وقال تبارك وتعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}⁣[التوبة: ٧٣، التحريم: ٩].