الرد على النصارى،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[مصادر عقائد النصارى]

صفحة 394 - الجزء 1

  أَنَّى يُؤْفَكُونَ ٧٥}⁣[المائدة: ٧١]، فأي آية أدل لهم على أنه مثلهم من أكله للطعام لو كانوا يعقلون، فلقد جهلوا من هذا - ويلهم - ما لم يجهل قوم نوح إذ يقولون: {ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ}⁣[المؤمنون: ٣٣].

[مصادر عقائد النصارى]

  ومن قبل ما قالت به النصارى في المسيح بن مريم ما قال بمثل قولهم المشركون، فزعموا أن ملائكة الله المقربين، ولد وبنات لله رب العالمين.

  ومنهم ما قبلت النصارى أقوالها، وحذت في الاشراك بالله منهم مثالها، وهو قول كان يقول به في الأوائل الروم والقبط وأهل الجاهلية، من كان يقول في النجوم السبعة بتثبيت الربوبية لها والإلهية، وكانوا يزعمون أن النجوم السبعة ملائكة لله ناطقة، وأنها آلهة مع الله - لما تم بها كونه - خالقة، وأن الله سبحانه صنعهن منه صنعا، ولم يبتدعهن لا من شيء بدعا، فلما أكملهن تبارك وتعالى وتم تمامهن، كنّ كلهن به وعنه قال لهن:

  أنتن آلهة الإلهية بكنّ عقد كل معقود وحل كل محلول، وزعموا أن بهن وعنهن كانت من الحيوان المائت جعله كل مجعول، بهن كان وجوده وقوامه، ومنهن كان صنعه وتمامه، وأنهن علة واسطة بين الله وبين الأشياء، وأن الله الصانع لهن ولغيرهن به ماتت الأحياء، وكان الله لا شريك له إله الآلهة العليّ الذي لا يمثلونه بشيء، والأول القديم الذي لم يزل تبارك وتعالى من غير أول ولا بدي، وأنه هو المبتدئ