الرد على النصارى،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[قواعد للحوار]

صفحة 420 - الجزء 1

  فيقال إن شاء الله لهم فيما تأولوه من ذلك وادعوا، وافتروا في ذلك على كتب الأنبياء وابتدعوا، مما لم يسبقهم إليه أحد، ولم يقل به قبلهم مفتر ولا ملحد: إنا لم ندرك نحن ولا أنتم الأنبياء ولا المسيح بن مريم، ، ولم ندرك نحن ولا أنتم أحدا من حواريه، فنسأل من أدركنا منهم عما اختلفنا نحن وانتم فيه، فتكتفوا بمن أدركتم من الأنبياء $ في التأويل، ونجتمع نحن وأنتم على الحق فيما اختلفنا فيه من الأقاويل.

[قواعد للحوار]

  ولا بد لنا ولكم من الانصاف، فيما وقع بيننا وبينكم من الاختلاف، فإن نحن تناصفنا ائتلفنا، وإن فارقنا التناصف اختلفنا، ثم لم نعد أبدا للائتلاف، إلا بعودة منا إلى الانصاف. والتناصف هو الحكم العدل بعد الله بين المختلفين، والشفاء الشافي الذي لا شفاء أبدا في غيره للمتناصفين، فأنصفوا الحق من أنفسكم، تخرجوا بإذن الله بإنصافكم من لبسكم، وارفضوا للحق أهواءكم، تسعدوا في دينكم ودنياكم، وأقيموا ما أنزل إليكم من التوراة والإنجيل، واتركوا الافتراء على الله فيها بعمى التأويل، تهتدوا إن شاء الله لقصد سبلكم، وتأكلوا كما قال الله من فوقكم ومن تحت أرجلكم، وافهموا قول العزيز الوهاب، فيكم وفي غيركم من أهل الكتاب: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ ٦٦}⁣[المائدة: ٦٦]، فكفى بهذا بيانا من الله في أهل الكتاب لقوم يعقلون.