[قواعد للحوار]
  فمن ذلك ما هم عليه وغيرهم مجمعون، لا يختلفون فيه كلهم ولا يتنازعون، من أن ملائكة الله، ومن مضى من رسل الله، لم يسبّح المسيح قط ولم يعبده، ولم يزعم أحد منهم أن الله ولده.
  ومن تأويل ما ذكروا من الولد والابن، في زمن المسيح وكل زمن، أن الناس لم يزالوا يدعون ابنا وولدا من تبنوا وأحبوا وحظي عندهم، وإن لم يكن على طريق التناسل ولدهم، ثم لم يزل ذلك لديهم معروفا، قديما وحديثا، ولا سيما في القدماء، من أهل العلم والحكماء، فكان الحكيم منهم يقول: يا بني لمن علّمه، ويدعو المتعلم باسم الأبوة معلّمه، فيقول: قد قلت وقلنا يا أبانا، وربما قال أحدهم: يا أبت أما ترانا.
  قال بعضهم:
  آباء أرواحنا الذين هم هم ... أخرجونا من منزل التلف
  من علّم العلم كان خير أب ... ذاك أبو الروح لا أبو النطف
  وذلك والحمد لله في الأمم كلها فأوجد موجود، يقوله الرحيم منهم لمن ليس بابن له مولود.
  ومن ذلك ما كان يقول المسيح صلى الله عليه، كثيرا لا تنكره النصارى لحوارييه: (إذ هبوا بنا إلى أبينا، وقولوا: يا أبانا أنزل من سمائك طعامك علينا). ومن ذلك قوله لهم، صلى الله عليه وعليهم: (قولوا: يا أبانا تقدس اسمك، لتنزل في