الهاشمة لأنف الضلال من مذاهب المطرفية الجهال
  ﷽. الحمد لله وبه نستعين
  أما بعد حمد الله على إبلاغ الحجة وإيضاح المحجة والصلاة على جدنا محمد خير البشر وعلى عترته الأطهار أكرم العتر. فإني ذكرت في بعض مصنفاتي على هؤلاء المطرفية بأنها مخالفة لجميع البرية، وهي كلها لم أنطق فيها عن هوى متبع ولا رأى مبتدع، بل قلت ذلك بالحق اليقين وسلكت فيه سبل الناصحين الصادقين. ورأيت ذلك ربما يلتبس على من حسن ظنه بهم وقلت معرفته بمذهبهم، فأردت أن أبين في هذه الرسالة صحة مانسبته إليهم وصدق ما أوقعته من التسمية عليهم بأنها هاشمة لأنف الباطل والمخالف وفارقة بين الهدى والضلال، [وبالله] التوفيق.
  واعلم أن الناس افترقوا في هذه الأفعال التي تكرهها النفوس وتنفر عنها الطبايع مثل مرض الأجساد وألمها بضرب الجراح ومايقع فيها من أفعال الناس ومن غير أفعالهم، ونحو موت الأولاد وقتلها، وفساد الزرايع بآفات سماوية أو أرضية وما جرى مجرى ذلك إلى ثلاثة أقوال. فذهب الملحدة الدهرية والفلاسفة الطبعية إلى نفي ذلك عن الله ولم يضيفوا إلى الله سبحانه شيئا منها بل زعموا أن ذلك حاصل بطبايع وأمور يؤثر بعضها في بعض وجعلوا ذلك طريقاً إلى نفي الصانع الحكيم وجمعوا بين أفعال الله سبحانه وبين أفعال الخلق فنفوها جميعا عنه وذلك معروف من مذهبهم. فأصابوا في بعض قولهم هذا وأخطأوا في البعض لأنهم قد أصابوا بنفي مايحصل في أبدان العباد من الجراح والآلام عند ضربهم بالسيوف وطعنهم بالرماح وما أشبه ذلك، لأنهم صادقون في نفي ذلك