تربية الأبناء منتزع من كتاب تصفية القلوب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

المرتبة الرابعة مهما قارب البلوغ وعظم تمييزه

صفحة 42 - الجزء 1

  الأدب الثالث: ينبغي أن يقرر في قلبه أن الأطعمة أدوية، وأن المقصود بها أن يتقوى الإنسان بها على عبادة الله تعالى، وهكذا حال اللباس فإن الغرض به ستر العورة ولا حاجة إلى التأنق في هذين الأمرين، فإن الاشتغال بعلاجهما والتفكه بهما والمنافسة فيهما ربما كان شاغلاً عما يراد من أمر الآخرة؛ فينبغي الإعراض عنهما إلا مقدار ما تدعو إليه الضرورة.

  الأدب الرابع: ينبغي أن يتحقق في نفسه أن الدنيا كلها لا أصل لها؛ لأنها غير باقية، وأن الموت قاطع لنعيمها ومزيل جميع لذاتها، وأنها دار ممر لا دار مقر، وأن الآخرة دار مقر لا دار ممر، فمتى عقل هذه الأمور كلها في أول النشوء فإنه ينتفع غاية الانتفاع.

  الأدب الخامس: ينبغي أن يخطر بباله الموت وينتظره في كل ساعة، ويعلم أن الكيّس العاقل من تزود من الدنيا للآخرة حتى تعظم عند الله تعالى درجته وتتسع في الجنان نعمته، فإذا كان نشوءه على هذه الصفة كان هذا الكلام عند البلوغ واقعاً ومؤثراً