الأمالي الإثنينية،

يحيى بن الحسين الشجري (المتوفى: 479 هـ)

أبو رافع مولى رسول الله ÷ واسمه: أسلم، وقيل: إبراهيم

صفحة 455 - الجزء 1

  وَهْبُ بْنُ جَرِيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ سَمِعْتُ ابْنُ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، [عَنْ أَبِي رَافِعٍ] مَوْلَى رَسُوْلِ اللَّهِ ÷ قَالَ: كُنْتُ غُلاَماً لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَكُنْتُ قَدْ أَسْلَمْتُ، وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ، وَأَسْلَمَ الْعَبَّاسُ، وَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلاَمَهُ مَخَافَةَ قَوْمِهِ، وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ، وَبَعَثَ مَكَانَهُ الْعَاصَ بْنَ هِشَامٍ، وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَ (لَهُ): اكْفِنِي هَذَا الْغَزْوَ وَأَتْرُكُ لَكَ مَا عَلَيْكَ فَفَعَلَ، فَلَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ وَكَبَتَ اللَّهُ أَبَا لَهَبٍ، وَكُنْتُ رَجُلاً ضَعِيْفاً أَنْحَتُ هَذِهِ الأَقْدَاحَ فِيْ حُجْرَةٍ فَمَرَّ بِي، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَجَالِسٌ أَنْحَتُ أَقْدَاحِي وَعِنْدِي أُمُّ الْفَضْلِ إِذِ الْفَاسِقُ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ، أَرَاهُ قَالَ: حَتَّى جَلَسَ عِنْدَ طِنِبِ الْحُجْرَةِ، وَكَانَ ظَهْرُهُ إِلَى ظَهْرِي، فَقَالَ النَّاسُ: هَذَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: هَلُمَّ إِلَيَّ يَا ابْنَ أَخِي، كَيْفَ كَانَ أَمْرُ النَّاس؟ قَالَ: لاَ شَيءَ وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ لَقِيْنَاهُمْ فَمَنَحْنَاهُمْ أَكْنَافَنَا يَقْتُلُوْنَنَا كَيْفَ شَاؤُا وَيَأْسُرُونَنَا كَيْفَ شَاؤُا، وَأَيْمُ اللَّهِ مَا لُمْتُ النَّاسَ.

  فَقَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ رِجَالاً بِيْضاً عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ، لاَ وَاللَّهِ مَا تَلِيْقُ شَيْئاً وَلاَ يَقُوْمُ لَهَا شَيءٌ، قَالَ: قَرَعْتُ طِنِبَ الْحُجْرَةِ فَقُلْتُ: تِلْكَ وَاللَّهِ الْمَلاَئِكَةُ، فَرَفَعَ أَبُولَهَبٍ يَدَهُ فَلَطَمَ وَجْهِي وَثَاوَرْتُهُ فَاحْتَمَلَنِي فَضَرَبَ بِيَ الأَرْضَ حَتَّى بَرَكَ عَلَيَّ، فَقَامَتْ أُمُّ الْفَضْلِ فَاحْتَجَزَتْ وَأَخَذَتْ عُوْداً مِنْ عُمُدِ الْحُجْرَةِ، فَضَرَبَتْهُ فَفَلَقَتْ فِيْ رَأْسِهِ شَجَّةً مُنْكَرَةً، وَقَالَتْ: أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ لَتَسْتَضْعِفَنَّهُ إِذْ رَأَيْتَ سَيِّدَهُ غَائِباً عَنْكَ، فَقَامَ ذَلِيْلاً فَوَاللَّهِ مَا عَاشَ إِلاَّ سِتُّ لَيَالٍ