[ذكر مقتل زيد بن علي @]
  وَثَبَتَ زَيْدٌ فِيْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ جُنْحِ اللَّيْل رُمِيَ زَيْدٌ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ جَبْهَتَهُ الْيُسْرَىَ، فَفَرَى السَّهْمُ فِيْ الدِّمَاغِ فَرَجَعَ وَرَجَعَ أَصْحَابُهُ، وَلاَ يَظُنُّ أَهْلُ الشَّامِ رَجَعُوا إِلاَّ لِلْمَسَاءِ وَاللَّيْلِ.
  قَالَ أَبُو مَخْنَفٍ: وَحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ زَكَرِيَّا مِنْ أَصْحَابِ زَيْدٍ، وَكَانَ آخِرَ مَنِ انْصَرَفَ عَنْهُ وَهُوَ غُلاَمٌ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي نَقْتَصُّ إِثْرَ زَيْدٍ فَنَجِدُهُ قَدْ دَخَلَ بَيْتَ حُرَارِ بْنِ أَبِي كَرِيْمَةَ فِيْ سِكَّةِ الْبَرِيْدِ فِيْ دُوْرِ أَرْحَبَ وَشَاكِرٍ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَانْطَلَقَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءُوا بِطَبِيْبٍ، يُقَالُ لَهُ: سُفْيَانُ مَوْلًى لِبَنِي رَوَاسٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ [إِنْ] نَزَعْتَهُ مِنْ رَأْسِكَ مِتَّ.
  قَالَ: الْمَوْتُ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِمَّا أَنَا فِيْهِ.
  قَالَ: فَأَخَذَ الْكَلْبَتَيْنِ، فَانْتَزَعَهُ، فَسَاعَةُ انْتَزَعَهُ مَاتَ.
  فَقَالَ الْقَوْمُ: أَيْنَ نَدْفِنُهُ، وَأَيْنَ نُوَارِيْهُ؟
  فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نُلْبِسُهُ دِرْعَيْنِ ثُمَّ نُلْقِيْهِ فِيْ الْمَاءِ.
  وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ، بَلْ نَحْتَزُّ رَأْسَهُ ثُمَّ نُلْقِيْهِ بَيْنَ الْقَتْلَى.
  قَالَ: فَقَالَ يَحْيَى بْنُ زَيْدٍ: لاَ، وَاللَّهِ لاَ تَأْكُلُ لَحْمَ أَبِي السِّبَاعُ.
  وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَحْمِلُهُ إِلَى الْعَبَّاسِيَّةِ فَنُدْفِنُهُ بِهَا.