الأمالي الإثنينية،

يحيى بن الحسين الشجري (المتوفى: 479 هـ)

[كرامة استقبال الخشبة نحو القبلة]

صفحة 646 - الجزء 1

  أَهْلِ خُرَاسَانَ مِمَّنْ لِلَّهِ عَلَيْهِ نِعْمَةٌ، قَالَ: وَكَانَ شَدِيْدُ الْحُبِّ لآلِ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ لِي: يَا أَبَا مَعْمَرٍ، أَلاَ أُحَدِّثُكَ عَنْ أَخْتٍ لِي لَمْ تَكُنْ تَلِدُ، وَكَانَتْ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ حُبًّا لآلِ مُحَمَّدٍ فَسَأَلَتْ زَوْجَهَا أَنْ يُخْرِجَهَا إِلَى مَكَّةَ، فَدَعَتِ اللَّهَ، وَتَعَلَّقَتْ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ تَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَهَبَ لَهَا وَلَداً تَقَرُّ بِهِ عَيْنُهَا، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا رَجَعَتْ حَتَّى عَلِقَتْ، فَمَكَثَتْ حَتَّى وَضَعَتْ، فَتَلِدُ غُلاَماً، فَلَمْ تَزَلْ تُرَبِّيهِ وَتُدَلِّلُهُ وَتُقِيْفُهُ حَتَّى كَبُرَ وَنَشَأَ أَحْسَنَ نِشْوءٍ، فَلَمَّا خَرَجَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ جَهَّزَتْهُ بِأَحْسَنِ مَا تَجَهَّزَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ عُدَّةِ الْحَرْبِ، وَاشْتَرَتْ لَهُ فَرَساً، فَحَمَلَتْهُ عَلَيْهِ ثُمَّ دَعَتْ لَهُ، وَوَجَهَتْهُ إِلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، فَجَاهَدَ، وَاسْتُشْهِدَ مَعَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ #، فَتَرَى فِيْ مَنَامِهَا كَأَنَّ رُوَاقاً قَدْ ضُرِبَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَأَنَّ مُنَادِياً يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ: أَيْنَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَصْحَابُهُ؟

  فَخَرَجَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ مَعْصُوُبُ الرَّأْسِ فِيْ إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَخَرَجَ أَصْحَابُهُ مُعْتَمِّيْنَ الرُّوْسِ فِيْ أُزُرٍ وَأَرْدِيَةٍ، فَقِيْلَ لَهُ: يَا زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى مَاذَا قَاتَلْتَ الْقَوْمَ؟

  قَالَ: قَاتَلْتُ الْقَوْمَ كَانُوا ظَالِمِيْنَ.

  ثُمَّ يُنَادِي الْمُنَادِي ثَانِيَةً: يَا زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى مَاذَا قَاتَلْتَ الْقَوْمَ؟

  قَالَ: قَاتَلْتُهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا فَاسِقِيْنَ.

  قَالَ: ثُمَّ يُنَادِي الثَّالِثَةَ يَا زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى مَاذَا قَاتَلْتَ الْقَوْمَ؟

  قَالَ: قَاتَلْتُهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِيْنَ.