الأمالي للقاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

النص المحقق

صفحة 253 - الجزء 1

  يقولُ: «إنَّما تكون الصَّنيعةُ إلى ذي دِين أو حَسَبٍ، وجهاد المرأةِ حُسنُ تبعلها لزوجها، والتَّودُّدُ نِصفُ الدِّينِ، وما عالَ امرؤ قط على اقتصاد، واستَنزِلُوا الرِّزْقَ بالصَّدَقَةِ، وَيَأبى اللَّهُ إِلَّا أَن يَجْعَلَ أرزاقَ عِبادِهِ المؤمنينَ مِن حيثُ لا يحتسبونَ».

  قالَ ¥: وإِنَّما أَرادَ ÷ أن يُبَيِّنَ عِظَمَ مَوقِعِ الصَّنيعةِ إِذا أُصِيبَ بها مَن له دِينُ وحَسَبٌ، وإلا فقد تَصِحُ الصَّنيعةُ إلى مَن ليس هذه حالَهُ، وقد يُمكِنُ في جُملةِ الصَّنائع ما لا يَصِحُ إِلَّا في ذي دين أو حسب، إذا كان ذلك من بابِ الزّيادةِ في الدِّينِ، ومن باب ما يَتَّصِلُ بفضل الحَسَبِ.

  وبين ÷ أن لا جهادَ على النِّساءِ، وأنَّ جهادَهنَّ ما يَتَّصِلُ بمراعاة الزوج، والقيام بحقه، وحفظ بيته وأحواله.

  فأَمَّا التَّودُّدُ والتَّحبُّبُ فإنَّما عَظُمَ أمرُه؛ لما في ذلك مِن إدخال المسرَّةِ على الغير بالأخلاق الجميلة، يستجلبُ بذلك منهم مِثلَ الَّذي عامَلَهم به، فإن دعاهم إلى الدِّينِ - والحال هذه - أو إلى المعونة في الدُّنيا، كانوا إلى الإجابةِ أقرَبَ، وهذه أخلاق الأنبياء $.

  وبعَثَ ÷ على الاقتصاد؛ فإنَّه المنزلة بين الغُلُو والتَّقصير، كما أدَّبَ الله تعالى بمثله رسوله ÷ في باب الإنفاق، ويدخُلُ في ذلك الاقتصاد في الحُب والبغض وغيرهما.