نص الرسالة
  واعلم أيها الطبيب والمطلع على هذه النصيحة أنه لا خير في حياة ليس فيها تقوى؛ لأن الله لم يخلقنا إلا لعبادته كما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}[الذاريات]، فمن انحرف عن العبادة أو بعضها فقد أتى قبيحاً؛ لأنه غير شاكر لأنعم الله، وليس له عناية من الله وإن ملك القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، وهل نفع المجرمين عند الموت وبعده ما جمعوا؟ بل صار عليهم وبالاً، تمتعوا قليلاً أورثهم حزناً طويلاً.
  فكر يا صاحب العقل الذكي بعقل واع وأذن صاغية فيما وعظنا به ربنا وخالقنا من عظمت نعمه علينا، وجل إحسانه وكرمه إلينا، وفيما حذرنا به وأنذرنا، من ذلك آيات التهديد والوعيد التي تقشعر لسماعها جلود المؤمنين، وتخشع لزواجرها قلوب المخلصين، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ٦}[التحريم]، وقودها الناس والحجارة؟ نعم، أحجار البراكين معروفة إذا نظر إليها الناظر، الحجرة الواحدة كتلة نار حمراء ظاهرها وباطنها، كذلك أجسام الخاسرين وجماجمهم كتل نارية مع بقاء الحياة والإحساس فيها، فمن يقوى على هذا والعياذ بالله؟
  يرجمون في جهنم بقصور من الجمر كما حكى ذلك ربنا: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ٣٢}[المرسلات]، وصف الله ملائكة التعذيب