نص الرسالة
  هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ٥٦}[يس]، قال ابن عباس ®: في فض الأبكار على حافة الأنهار.
  فلو نظر ناظر مستبصر فيما خلق الله في هذه الدنيا من الملاذ والمشتهيات المرغوبة، وما تطمح إليه النفوس من المعنويات والذوات المحبوبة، وتكالب الناس عليها ومسارعتهم إليها، مع سرعة زوالها وقلة بقائها، وما يلقى أهلها من المتاعب، ويحصدونه من أجلها من المصائب؛ لكان كل ذلك له واعظاً وداعياً للمسارعة في طاعة الله، والمنافسة في مرضاة الله، والرغبة البالغة فيما عند الله؛ لأن النعيم وما تطرب إليه النفوس في جنة الله أبدي سرمدي، خالٍ من شوائب الأحزان، مُلْك متكامل، أوجده خالقه من العدم، مضمون بقاؤه ببقاء الله، من قصور من أحلى وأجمل المجوهرات مبنية، وحور عين من طينة الجنة خلقت، وبساتين على حوافِّ الأنهار بعيدة الأطراف غرست، وخيام من الدر والياقوت والزمرد مطلة على مناظر الجنان نصبت، كراسي حفت بحدائق من أنواع الورود والزهور أعدت، على أنهار العسل والألبان والمياه والخمور، يجلس عليها وفد الله مع قاصرات الطرف، يشاهدون الفواكه، تدنو منهم لقطفها، وإذا قطفت أعاد الله بمرأى من أولياء الله في تلك الأشجار بدلها.
  الحور الحسان يتنازعون من أيدي خدمهم كأسات الخمور، وأنواع الأشربة، التي يملأ ريحها تلك المناظر، ويطرب لحلاوة