نص الرسالة
  واحدة؛ فإنها بخبر المصطفى ÷ تعدل إحياء نفس {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة: ٣٢]، فأقول مستعيناً بالشافي المعافي وعليه أتوكل وهو حسبي ونعم الوكيل:
  اعلم أيها الأخ الطبيب أن الله أنعم عليك بنعمة العقل الذي به تعلمت الطب حتى صرت شخصية مرموقة، يقصدك المرضى من أطراف البلاد، يصطفُّون على بابك، وينتظرون جوابك، حاجتهم إليك أبلغ من حاجة الغريب الأعمى إلى من يقوده، ينقهرون إذا قهرتهم، ويأنسون بكلامك إذا بشرتهم، ينشرون ذكرك إذا كتب الله لهم على يديك العافية، لا يترددون عن قبول كلامك إذا نصحتهم، ولا يتناولون شيئاً من الملاذ إذا منعتهم، حتى صرت في أعينهم كبيراً، وكل ذلك حصل لك بنعمة الله عليك وإحسانه إليك.
  حوائجك مع أسرتك في متناول يديك بما يرزقك الله من أموال المرضى، غيرك يجوب البلاد بحثاً للعمل من أجل لقمة العيش، يتعرض لحرارة الشمس وصقاعة البرد، والغربة عن الأهل والوطن، وأنت جالس على كرسيك، من عند أهلك تغدو وإليهم تروح، غني وغيرك فقير، وعزيز والكثير من الناس ذليل.
  من هنا وضحت نعمة الله البالغة عليك، ولولا نعمة الله عليك بالعقل والقوة لما صرت طبيباً، مهنتك يرضاها ربنا، ويثيب عليها إن أنت اتقيت الله وراقبته، غير أن خطرها عظيم وشرها جسيم؛