رسالة إلى الخيرين من الأطباء والممرضين،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

نص الرسالة

صفحة 8 - الجزء 1

  بثمن بخس، يرضي المخلوق من أجل شيء من الحطام ويعصي خالقه، يعرض نفسه للخيانة وقد كان غنياً عن ذلك، فهو بذلك الصنيع يطعم نفسه وزوجته ومن يعول الحرام الذي يعمي القلوب يصيرها كالحجارة أو أشد قسوة، وبعد ذلك تتحول طباعهم إلى طباع الوحوش، فلا صغير الأسرة يوقر كبيرهم، ولا كبيرهم يرحم صغيرهم، وكل ذلك سببه أكل المال الحرام.

  نعم، الغاش والخائن غير شاكر لنعم الله، فهو يعرض نفسه وسمعته وذكاءه للتلف، ويعرض أولاده للمصائب والخذلان، وكذلك زوجته يعرضها لمصائب الزمان؛ لأن الله جلت عظمته يقول: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}⁣[إبراهيم: ٧]، والخائن والغاش غير شاكر، فهو يعرض نعمه للنقص والتلف، وما يعقلها إلا العالمون.

  فحقيق بكل طبيب وصيدلاني أن يحسب للريال من غير حِلِّه ألف حساب، وبدلاً من تعريضه نفسه وأولاده وزوجته وكل ما يعنيه أمره للتلف والهلاك بسبب طاعته لنفسه الأمارة بالسوء ولشيطانه الرجيم الذي سمى الله طاعته عبادة، قال تعالى مخاطباً للعصاة يوم القيامة: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ٦٠}⁣[يس].

  ينبغي له أن يستعمل ذكاءه ووجاهته ومهنته في طاعة مولاه يحث إخوانه على فعل الخير، وعلى رحمة المرضى ومساعدتهم،