[أهمية رواية الشيعة في الحديث]
  عليهم اجتهاد ولا تقليد وإلا فما أمن هذا المقلد أنَّه لقلة علمه وضعف فهمه اختار مذهب إمامه وحكم بفضله فإن كان قد وثق بحسن اختباره هنالك فما باله لا يثق بمثله هنا وإن كان قد شك فيما يقبله عقله هنا فما باله لا يشك فيما يقبله هناك ومن تمكن منه هذا الخلل وأصر عليه فقد سد طريق العلم على نفسه واتجه ترك مناظرته على خصمه، واعلم أن المقلد لو أنصف لعرف أن استعظامه لإمامه لا يمنعه من مخالفته كما أن استعظامه لإمام غيره لم يمنعه من مخالفته.
  الآفة الثالثة: أن يتقرر عنده ضعف في بعض مسائل ذلك الكتاب فيثور من ذلك سوء ظن بصاحبه فينفر عن بقية كلامه وهذه آفة يحرم بسببها معرفة خير كثير وعلم غزير، فإنك قلما تجد كلاماً أو كتاباً لا يستضعف بعض ما فيه ولهذا قال تعالى في الكتاب العزيز: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ٨٢} ولهذا قيل في كل كلام خطأ وصواب، لا يستبعد أن يكون الحق مع الباطل في كتاب واحد، فإن الدواء النافع قد يستخرج من الحية القاتلة.
  الآفة الرابعة: أن يعرض لك سؤالاً وتسمعه من غيرك يقدح في الكلام الذي تنظر فيه وهذه من أعظم الآفات لاحتياج ذلك السؤال إلى برهان صحيح لا بمجرد عظم السؤال وحسن الظن بالمسائل، فإنك إن رددت ذلك السؤال عليه كنت قد أفرطت في جنبة القبول وإن اعتقدت صحته ببادي الرأي من غير تحقق كنت