الفصل الأول في آداب العالم في نفسه
  بليل لاشتغاله بالتصنيف، ومع ذلك فلا يحمل نفسه من ذلك فوق طاقتها كيلا تسأم وتمل، فربما نفرت نفرة لا يمكنه تداركها، بل يكون أمره في ذلك قصداً، وكل إنسان أبصر بنفسه.
  الحادي عشر: أن لا يستنكف أن يستفيد ما لا يعلمه ممن هو دونه منصباً، أو نسباً أو سناً، بل يكون حريصاً على الفائدة حيث كانت الحكمة ضالة المؤمن، يلتقطها حيث وجدها.
  قال سعيد بن جبير(١): لا يزال الرجل عالماً ما تعلم، فإذا ترك التعلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون، وأنشد بعض العرب:
  وليس العمى طول السؤال وإنما ... تمام العمى طول السكوت على الجهل
  وكان جماعة من السلف يستفيدون من طلبتهم ما ليس عندهم.
(١) هو: سعيد بن جبير الأسدي بالولاء الكوفي، أبو عبد الله، تابعي، كان عالماً، قتله الحجاج سنة ٩٤ هـ، وقيل: سنة ٩٥ هـ، (المصدر السابق ٣/ ٩٣).