الفصل الثالث في آداب العالم مع طلبته
  ما أعد الله تعالى للعلماء من منازل الكرامات، وأنهم ورثة الأنبياء، وعلى منابر من نور، ونحو ذلك مما ورد في فضل العلم والعلماء من الآيات والأخبار، والآثار والأشعار، ويرغبه مع ذلك بتدريج على ما يعين على تحصيله من الإقتصار على الميسور، وقدر الكفاية من الدنيا، والقناعة بذلك عن شغل القلب بالتعلق بها، وغلبة الفكر وتفريق الهم بسببها، فإن انصراف القلب عن تعلق الأطماع بالدنيا، والإكثار منها، والتأٍسف على فائتها، أجمع لهمِّه، وأروح لسره(١)، وأشرف لنفسه، وأعلى لمكانته وأقل لحساده، وأجدر بحفظ العلم وازدياده، ولذلك قلّ من نال من العلم نصيباً وافراً إلا من كان في مبادئ تحصيله على ما ذكرت من الفقر والقناعة والإعراض عن طلب الدنيا وعرضها الفاني، وسيأتي في آداب المتعلم أكثر من هذا إن شاء الله تعالى.
  الرابع: أن يحب لطالبه ما يحب لنفسه، كما جاء في
(١) في (أ): ليسره.