الصحيفة السجادية،

الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) (المتوفى: 94 هـ)

تصدير

صفحة 19 - الجزء 1

  كان يعيش ذاتيته ولم يكن يعيش إيمانه.

  وواضح من تجاربنا اليومية أن دور المعرفة والقناعة العقلية في التأثير على إرادة الإنسان يقل كثيراً عن دور المعرفة القلبية أو القناعة العاطفية. فالمعرفة العقلية يمكنها أن تدفع الإنسان إلى الأمام، ولكن طاقة دفعها محدودة وتقف في مرحلة محددة من السلوك. كما أن قدرتها على شحذ الهمة لمواجهة ومقاومة التحديات أيضاً أقل بكثير من قدرة المعرفة القلبية. ولذلك فإن موضوع تحول الإيمان من العقل إلى القلب أمر لا غنى عنه من هذه الزاوية. أما إذا أخذنا بالرأي القائل أنه من جهة فإن حقيقة السلوك إلى الله تعالى وعمقه وجوهره، ليس إلا نقل المعارف العقلية إلى القلب، بمعنى الامتزاج بها، والاندماج حتى يصير المرء لا يرى إلا بها، ولا يشعر إلا بها، ولا يقيِّم، ولا يحب، ولا يكره، ولا يتحرك أي حركة في الحياة إلا بها ومن خلالها؛ ومن جهة أخرى فإن زيادة الأعمال والعبادات، من مظاهر السلوك وليست هي السلوك؛ إذا أخذنا بتلك الرؤية فإن أمر تحويلها يصبح هدفاً بحد ذاته.