تصدير
  ولكن مما يلاحظ هو أننا إذ نهتم بتلك الأعمال وتفاصيل كيفياتها ودقائق حيثياتها، فإننا نهمل إلى حد كبير النظر إلى طريقة التفكير لديهم، والتي هي الدافع الأساسي من وراء تلك الأعمال. وعليه فإننا نجد أن في أدبيات الوعظ والإرشاد وكتب السير والتراجم والطبقات الإكثار من ذكر المواقف والأعمال النبيلة والسامية والصعبة التي مارسها الصالحون على حساب التنبيه على الأسس المعرفية والفكرية التي تستند عليها تلك الأعمال.
  ومعلوم أن العمل التام إنما يكون انعكاساً صادقاً وأميناً للقناعات الفكرية، وبقدر ما يكون العمل كذلك نقول عنه: إنه عمل ذو معنى، بخلاف العمل الذي نقول عنه: إنه لا معنى له، وهو العمل الذي يخالف ظاهره باطنه، أو هو العمل التام في شكله ولكنه انعكاس لفكرة باهتة أو مشوشة. وهذا الأخير هو ما يعنينا هنا. فنحن إذ نقتدي بأعمال الصالحين دونما الاقتداء بأفكارهم نصدر أعمالاً قد تكون تامة في مظهرها، ولكنها ناقصة كثيراً في مضمونها، وهذا له آثار سلبية على